للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فطِبْ نفسًا، وقَرَّ عينًا. وأمر القائمُ بالخطبة بالألقاب المتجددة، وأقام الغِلمانُ بالجوامع عند المنابر خوفًا من الفتنة، ولم يحضر من الناس إلا القليل.

وفيها حكم الغُزُّ على الريِّ وأصبهان وبعضِ خراسان، وكاتبوا الخليفةَ بأننا قومٌ من المسلمين أغزانا محمود بن سُبُكْتِكين، ونريد أن نكون من جملة أولياء الخليفة والملك.

ولم يحجَّ أحدٌ من العراق ولا من خراسان، وكانت الجِمالُ قد حصلت بأيدي الغُزِّ، وكانت مئة ألف جمل، وانتشر الأمر على مسعود بن محمود؛ لتوفُّرِه على لذَّاتِه واطِّراح تدبير الممالك، وفسد جندُه عليه بإقلاله لمراعاتهم، وقَطْعِه المواد عنهم، وتمكَّنَتْ هيبةُ الغُزِّ من قلوبهم، وقيل: إنهم أخذوا خراسان كلَّها إلا الريَّ، وكان مسعودٌ بغَزْنة.

وقال محمد بن مؤيد الملك: كان أبو صالح سيدُ الدولة صاحبُ حلب قد أنفذ إلى مصر رجلًا -يقال له: الأيسر- بعدما هزم الروم على أعزاز، وبعث من غنائمهم شيئًا كثيرًا من الصياغات والآلات والأواني والخيل والبغال، فأعجب ذلك الجَرْجَرائي الوزير، وأكرم رسولَه، وخلع عليه، وبعث معه الخِلَع الجليلة لشِبْل الدولة، وكان أنوشْتِكين الدِّزْبَري صاحبُ الشام مقيمًا بدمشق، فلم يزَلْ رجلٌ -يُقال له: ابن كليد- يُغري بين الدِّزْبَري وشبل الدولة حتَّى أوقع بينهما، وكان ابن كليد بحمص، فبعث الدِّزْبَري رافعَ بن أبي الليل أمير الكلبيين إلى قتال نصر بن صالح إلى حلب، فخرج شبل الدولة نصر بن صالح لقتالهم، فاقتتلوا، فقُتِلَ نصر في المعركة، وذلك في شعبان، وسار الدِّزْبَري فنزل على جبل جَوْشَن ظاهر حلب، وأغلق أهلُ حلب أبوابها وقاتلوه، فاستمالهم، وأمَّنهم، ففتحوا له الأبواب، فدخلها، وكان في القلعة المقلِّد بن كامل ابنُ عم شبل الدولة، فتراسلا، واستقرَّ الأمرُ على أنَّ المقلِّدَ يأخذ من القلعة ثمانين ألف دينار وثيابًا وأواني ذهب وفضة ويُسلِّمها إلى الدِّزْبَري، وكانت خديعةً، فأجاب الدِّزْبَري فأخذ جميع ما كان في القلعة من الأموال والذخائر والجواهر، وما ترك إلا ما ثَقُلَ حَمْلُه، وتركه (١) ومضى إلى حِلَّته، وحصل جمهور ما كان في القلعة (٢)، وأخذ عِزُّ الدولة ثِمال بن صالح أخا نصر، وكان قد انهزم إلى القلعة يوم


(١) في (خ): ونزل، والمثبت من (ت).
(٢) بعدها في (خ) زياده: المقلد. وهي ليست في (ف).