[وقال جدي في "المنتظم": حدثنا جماعة من أشياخنا عن أبي الحسن الطيوري قال]: أكثر كتب الخطيب سوى "تاريخ بغداد" [هي] مستفادة من كتب الصوري، ابتدأ بها، وكان قد قسم أوقاته في نيِّفٍ وثلاثين فنًّا، وكانت له أخت بصور خلف عندها اثني عشر عدلًا من الكتب، فأعطاها الخطيبُ شيئًا وأخذ بعض الكتب، وكان الصوري حسن المحاضرة، وذهبت إحدى عينيه.
ومن شعره: [من المتقارب]
تولَّى الشبابُ بريعانِهِ … وجاء المشيبُ بأحزانِهِ
فقلبي لفقدان ذا مؤلمٌ … كئيبٌ بهذا ووُجدانِهِ
وإنْ كان ما جار في سيرِهِ … ولا جاء في غير إبَّانِهِ
ولكِنْ أتى مُؤْذِنًا بالرحيل … فويليَ من قُرْبِ إيذانِهِ
ولولا ذنوبٌ تحمَّلْتُها … لمَا راعني حال إتْيانِهِ
ولكِنَّ ظهري ثقيلٌ بما … جناهُ شبابي بطُغيانِهِ
فمَنْ كان يبكي زمانًا مضى … ويندب طَيِّبَ أزمانِه
وليس بكائي وما قد تَرَوْ … نَ مني لوَحشةِ فُقدانِهِ
ولكِنْ لِما كان قد جَرَّهُ … عليَّ بوثباتِ شيطانِهِ
فولَّى وبقَّى عليّ الهموم … بما قد تحمَّلْتُ من شانِهِ
فوَيلي وعَوْليَ إنْ لمْ يَجُدْ … عليّ مَليكي برضوانِهِ
ولم يتغمَّدْ ذنوبي وما … جنيتُ بواسعِ غفرانِهِ
ويجعَلْ مصيري إلى جنة … يَحُلُّ بها أهلُ قُربانِهِ
وإنْ كنتُ ما ليَ من قُربةٍ … سوى حُسنِ ظنِّي بإحسانِهِ
فإنِّي مُقِرٌّ بتوحيدِهِ … عليمٌ بعزَّةِ سُلطانِهِ
وقال الخطيب (١): أنشدنا الصوري: [من الخفيف]
قُلْ لمنْ عاندَ الحديثَ … وأضحى عائبًا أهلَه ومَنْ يَدَّعيهِ
(١) شرف أصحاب الحديث ص ٧٧ - ٧٨.