المهرجان يسيرون إلى الشَّام، وأمرهم أن يستصحبوا الملك الرَّحيم من قلعة السيروان إلى قلعة الري فيعتقلونه بقلعة طَبْرك، ففعلوا.
وفي يوم السبت ثاني عشر ربيع الآخر ورد ديلمٌ من دار السلطان إلى زوجة البساسيري المعتقلة بباب المراتب، وقد أُحيلوا بأرزاقهم عليها فعاقبوها، فضمنها حاجب باب المراتب على ألفي دينار، وأخذها منهم إلى داره، فلم يقدِرْ على إبقائها، فأعادها إلى اعتقالها، فاتصلت العقوبةُ والمطالبةُ لها.
وفي هذا الوقت قَلَّ العسكرُ ببغداد، ومضى أكثرهم إلى خراسان، وشنَّتْ بنو شيبان الغارات، وطلبوا الخفارات، وكثرت الأراجيف بانضمام جماعة من العرب إلى البساسيري ووصول أبي نصر بن أبي عمران الداعية رسولًا من مصر إليه بمالٍ كثيرِ وخِلَعٍ وألقاب، وأنه أخذ البيعة عليه وعلى من معه من الأتراك والأكراد والعرب، وأنهم على عزم قصد بغداد، وبعث السلطانُ عميدُ الملك إلى الخليفة يقول: إن العساكر قد تفرَّقت، وبقي منهم نفرٌ يسير، ولا بُدَّ لهم مما يقوم بهم، وإلا لحقوا بالباقين وخلا البلد، وكان رئيس الرؤساء قد ضمن لي ثلاثَ مئة أَلْف دينار إذا قدمتُ العراق، فأوصل إليَّ مئة وثمانين ألفًا، وارتدَّ الباقي، وتردَّد الكلامُ، فقال رئيس الرؤساء: إنما كنتُ أُحصِّلُها من أموال البساسيري وأصحابه، وقد ذهبت، ولكن أنا أقوم في هذا الوقت بعشرين أَلْف دينار. ثم صادر النَّاس حتَّى حصلَها، واعتقل زهرة جارية البساسيري وأولادها منه، وطُولِبَتْ بمال، فلم يكن لها شيء.
وفي سابع جمادى الأولى ولدت جاريةٌ كانت للذخيرة بن القائم ولدًا ذكرًا، وكان قد تُوفِّي عنها وهي حامل، يُكنى أَبا القاسم، وسُمِّي عبدَ الله، ولُقِّب عدة الدين عماد الإِسلام والمسلمين، وفرح الخليفة، وجلس وزيره للتهنئة، ولم يكن للقائم ولدٌ، ووَليَ هذا المولود الخلافةَ، وحمل السلطان وخاتون والوزير للخليفة أموالًا وثيابًا.
وفي هذا الوقت تجدَّدت العقوبة على زوجة البساسيري.
وفي هذا الشهر وردت طائفة من عسكر السلطان فأُنزلوا في دور النَّاس، وفرض عليهم لهم خمس مئة دينار، فاجتمعوا إلى عميد العراق، فقال: هذه عادتنا في بلادنا، وأنتم تُرجفون على الدولة وبُعدِ العساكر، وقد أعاد السلطانُ العساكرَ إليكم، فإقامتُها