فقلتُ إنِّي ضريرٌ والذينَ لهمْ … رأيٌ رأَوا غير فرضِ الحجَ أمثالي
ما حجَّ جدِّي ولم يحجُجْ أبي وأخي … ولا ابنُ عمي ولم يعرِفْ منًى خالي
وحجَّ عنهم قضاءً بعدما ارتحلوا … قومٌ سيقضون عني بعد ترحالي
فإن يفوزوا بغفرانٍ أَفُزْ معهُمْ … أو لا فإنِّي بنارٍ مثلُهمْ صالِ
ولا أرومُ نعيمًا لا يكونُ لهمْ … فيه نصيبٌ وهم رهطي وأشكالي
فهَلْ أُسَرُّ إذا حُمَّتْ محاسبتي … أم يقتضي الحكمُ تَعْتابي وتَسْآلي
مَنْ لي برضوانَ أدعوهُ فيرحمُني … ولا أُنادي مع الكفارِ أمثالي
باتوا وحتفي أمانيٌّ لباكيهم … وبِتُّ لم يخطروا منِّي على بالِ
قالوا وهم لقبولٍ في كنافهمُ … ولا نجاحَ لأفيالٍ كأفيالِ
لمَّا هتفتُ بنصرِ اللهِ أيَّدني … كأَنْ نُصِرْتُ بجبريلٍ وميكالِ
وجاءني ذاك عزرائيل يغضب لي … فيقبض الروحَ مغتاظًا بإعجالِ
فما ظنونُكَ إذْ جندي ملائكةٌ … وجندهُمْ بين طوَّافٍ وبقَّالِ
تباركَ اللهُ لا أرجو مثوبَتَهُ … لكن تعبُّدَ إعظامٍ وإجلالِ
ومنه: [من الكامل]
هَفَتِ الحَنيفَةُ وَالنصَارى ما اهتَدَتْ … ويَهودُ حارَتْ وَالمَجوسُ مُضَلَّلَهْ
اِثنانِ أَهلُ الأَرضِ ذو عَقلٍ بِلا … دينٍ وَآخَرُ دَيِّنٌ لا عَقلَ لَهْ (١)
ومنه: [من الوافر]
كَأَنَّ مُنَجِّمَ الأَقوامِ أعمى … لَدَيهِ الصُّحْفُ يَقرَؤُها بِلَمْسِ
لَقَد طال العَناءُ فَكَم يُعاني … سُطورًا عادَ كاتِبُها بِطَمْسِ
أتى عيسى فعطَّلَ دينَ موسى … وجاءَ مُحَمَّدٌ بِصَلاةِ خَمْسِ
وقيلَ يَجيءُ دينٌ بعد هَذا … وأَودى النَّاسُ بَينَ غَدٍ وَأَمْسِ
ومَن لي أَن يَعودَ الدينُ غَضًّا … فيقنعَ مَنْ تنسَّكَ بالتأسِّي
ومَهما كانَ من دُنياكَ أَمرٌ … فَما تُخليكَ مِن قَمَرٍ وشَمْسِ
(١) لزوم ما لا يلزم ٣/ ١٢٦٩، ومعجم الأدباء ٣/ ١٦٨.