للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخلع عليه، وعزَّ على عميد الملك، فكتب إلى الخليفة، (١) عن لسان السلطان كراهيته له، ويشير بأن لا يُستخدم، فقال الخليفة: لو ورد هذا الكتاب قبل أن نَسْتَدعيه لكان، أمَّا بعد ما فارق بلدَه وأهلَه وعرف الناس خبرَه فلا يمكن. ولزم أبو تراب دارَه، واستقلَّ ابنُ دارست في الخدمة، وأوصله الخليفة إليه، وكانت خِلعتُه قميصَ قصب، وجُبَّةَ سِقْلاطون (٢)، ودُرّاعةً سوداء، وعِمامةً سوداء مُشبكةً مُذهَبةً بذؤابة، وبغلةً بمركب ذهب، ودَواةً مُحلّاةً، وسيفًا تحت ركابه، وكتب عهده.

وفيه عَزَلَ السلطانُ أبا الفتح عميد العراق، وولَّى أبا أحمد بن عبد الواحد بن الخضر النهاوندي، ولقَّبه رئيسَ العراقَين، وأذِنَ له في القبض على أبي الفتح عميد العراق، وبلَغَه، فالتجأ إلى دار الخليفة، فلم يقدروا عليه.

وفي ربيع الآخر جهَّز السلطانُ العساكر إلى قلعة كُردكوه، وكان بها ابنُ عمه قُتُلْمِش، قد تحصَّن بها، وانضمَّ إليه التركمان والأتراك، فكسرَ عسكرَ السلطان، وأوقع بهم.

وفيه دخل رئيس العراقَين بغداد، واجتاز بدار الخليفة، ولم يدخل إليها، ونزل في خيم تحت دار المملكة، ومنع أصحابه من العبور إلى الجانب الغربي، وأذِنَه الناس، ومدَّ يده إلى إقطاع الخليفة وغيره، وصرف أناسٌ من الهاشميين غلامين له، فبعث غلمانه في السفن، فرموا التاج بنُشّابَتيِن، وأخذوا زورق الخليفة فيه شعير، وانزعج الخليفة والناس، وجرت منه أسباب ثقُلَت على الخليفة، ثمَّ عُوتب، فلم يُفِدْ معه عتاب.

وفي ربيع الآخر قَدِمت أرسلان خاتون إلى دار الخلافة ومعها عميد الملك وجماعة من الحُجّاب، ومعهم المهر والجهاز؛ لتحرير أمر الوصلة ببنت الخليفة.

ذكر القصة:

قد ذكرنا وصية خاتون للسلطان وإرساله لابن صاعد مع الكامل أبي الفوارس التميمي وغانم صاحب قريش وابن المعوج، ورَدَّ بكُتب ابن وثّاب تتضمن خدمتَه، وأن يقطع خطبة صاحب مصر من حَرّان والرقة، ويقيم الخطبة للخليفة والسلطان، فلمّا


(١) ما بين حاصرتين زيادة من (ف).
(٢) سِقلاطون: نوع من الحرير المزركش بالذهب، والذي يُنسج منه في بغداد، ذو شهرة عظيمة. تكملة المعاجم لدوزي ٦/ ٩٦.