للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرأس، بقميص رومي، فقاتله، فاستظهر عليه سعدوحكان، فجاءه سهم عائر فذبحه، واستولى خُمارتِكِين على أصحابه وقلاعه، وأنفذ رأسه إلى السلطان وأقام بمكانه مدافعًا مقاطعًا، وبعث السلطانُ عميدَ الملك إلى بغداد، فاجتاز به، وقال له: أنا ماضٍ إلى بغداد، قد خلا السلطان بمن يأنس به، ويجب أن تعود إليه وتكون في خدمته، فربما طال تأخّري عنه. وتحالفا وتعاقدا، وسار عميد الملك إلى بغداد، وخُمارتِكِين إلى السلطان، ولمّا ورد عميدُ الملك بغداد ظهر له أنَّ بين خُمارتِكِين وبين أبي تراب بن الأثيري صاحب الخليفة مكاتباتٍ، يقول فيها خُمارتِكِين: إنَّ السلطان ما يُؤثر أن ينقل على الخليفة، وإنما عميد الملك يفعل هذا ليتقرب إلى السلطان، ولمّا عاد عميد العراق إلى السلطان عرَّفه ذلك، وأن مكاتباته إلى ابن الأثيري منعت الخليفة من الإجابة إلى الوصلة، واستشهد على ذلك بأشياء أثبتت في نفس السلطان ذلك، وبلغ الطّغْرُلْبي ذلك وأنَّ السلطان قد تغيَّر عليه، وكان السلطان يحاصر القلعة التي فيها قُتُلْمِش، فهرب الطُّغْرُلْبي في شعبان في ستةٍ من غلمانه، ومعه من الجَمّازات (١) والخيل ما استظهر به، فأرسل السلطان ابنابجيل خلفه، وكتب إلى البلاد بخبره والتحرُّز منه والتلطف في أخذه، وكوتب رئيس العراقيين [بذلك، ونسب عميد الملك هربه إلى أبي تراب بن الأثيري، وأن الخليفة علم به، وكان في كتاب السلطان إلى رئيس العراقيين]: وهذا جرى من الخليفة الذي قتلتُ أخي في خدمتِه، وأنفقتُ أموالي في نصرتِه، وأهلكتُ خواصي وحاشيتي وعسكري في محبَّتِه، أن يُخبِّب مملوكي، ويُفسد نظامي، ويفعل بي ما فعل، ثم تقدم إلى الرئيس بقبض ما في يد الخليفة ويد الحاشية من الإقطاعات، وبترك ما كان في أيام القادر، وأن يطالبه بتسليم أبي تراب المهتمّ بخُمارتكِين، فحضر الرئيس ببيت النُّوبة، وعرض ما أُنهي إليه، فقال الخليفة: أمَّا الإقطاعات فبين يديكم، وأما ابن الأثيري فليس لِما نُسِبَ إليه أصلٌ ولا حقيقة، ويحضر قاضي القضاة فنستحلفه بالأيمان التي تُبرئ ساحته، فأما المطالبة بتسليم


(١) الجمَّازات؛ جمع جمَّازة: وهي مركب سريع يتخذه الناس في المدن. المعجم الوسيط (جمز).