للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشعر بأميرك إلا وقد قبض على يده وقال: ما لَكَ؟ أنا أخذتُ خرقتك وفيه بهرجٌ، وأريد [أن] أحملك إلى عميد العراق، وأضع الخرقة بين يديه، ويرى ضَرْبَكَ البُهرج. فخاف الصيرفيُّ، وقال: يا أخي، أنت في حِل من الخرقة. وهو يقول: لا واللهِ، وما أُفارقُكَ إلى عند العميد. فاستغاث بأصحاب القاضي، فسألوا أميرك فيه، حتى أخذ منه خمسة دنانير والخرقة ومضى، ولمّا ولي رئيسُ العراقيين بلغه خبر العجمي أميرك، فأخذه [ليلًا] [فغرقه] ولم يُطلِعْ أحدًا على خبره، فأمن الناس.

وفي يوم الخميس لأربعٍ بَقِينَ من رجب خلع الخليفة على طراد الزينبي، وردَّ إليه نقابة العباسيين، فانحدر إلى البصرة، واستخلف ببغداد أخاه أبا طالب، وخلع بعد ذلك، فأقام على أبي الفتح أسامة بن أبي عبد الله أحمد بن أبي طالب العلوي، وولّاه نقابة الطالبيين (١).

وفي يوم الجمعة الثاني عشر من شعبان هرب خُمارتكِين الطُّغْرُلْبي وهو على كُردكوه يحاصر قُتُلْمِش.

ذكر السبب:

كان السلطان مشغوفًا به حتى خَصاه، وكان يدخل معه على خاتون؛ لقلة صبره عنه، فاستفحل أمرُه، وصار الحُجّاب والأمراء يَقِفون على رأسه، وكان عميد الملك يحسده لقربه من السلطان، ولمّا شغب الحُجّاب والغلمان على السلطان عند انصرافه من توريز، خرج إليهم، وأزال شغبهم، فأطاعوه وتفرَّقوا، وقيل للسلطان: إن الذي فعلوه بمواطأةٍ منهم، فخلع عليه، وزاد في إقطاعه قِرْمِيسين وقريةً زيادة على ما يُعهد منه، ثم اطَّلع على ما في طوية السلطان له، فاستشعر منه، وسار إلى قِرْمِيسين -وكان قريبًا منها رجلٌ كرديٌّ يُقال له: سعدُ وحكان- في قِلاع (٢) وقد قطع الطُّرُق، وأخاف السُّبُل، وقتل من أصحاب السلطان جماعةً وفي قلب السلطان منه شيء عظيم، فاتَّفق لخُمارتِكِين من السعادة أنَّ سعدوحكان لمّا بلغه قربُه منه نزل إليه مستهينًا به، مكشوفَ


(١) الخبر في المنتظم ١٦/ ٦٩ - ٧٠.
(٢) القِلاع؛ جمع قِلْع: وهو شراع السفينة. المعجم الوسيط (قلع).