وقال ناصر بن الحسين الأبهري العلوي: لمَّا أخذ مسافرٌ سَميران دار مملكة الروم، وهي على نصف من جبال الدَّيلم، وعليها يجري النهر المعروف بأسفيدروذ (١)، أنفذ خشتان لمَّا يئس من سَميران ابنَه نوحًا إلى حصن آخر كبير يُسمَّى القلعة من سَميران، على ثمانية فراسخ، ورسم له المقام فيه ليذهب هو إلى السلطان مستعينًا على ولده وزوجته، وجرى في ذلك ما قدَّمناه، ولم يبلغ خشتان غرضًا، ولحِقَه من الغمِّ والذُّلِّ ما أدَّاه إلى الموت في هذه السنة، وقصد مسافر القلعة وأخاه نوحًا في شهر رمضان سنة سبع وخمسين وأربع مئة، وحصره، وقاتله، فجاء مسافرًا في بعض الأيام سهمٌ فأثخنه، ووقع الإياس منه، فراسلوا أخاه نوحًا، واستحلفوه وسلَّموه إليه، فاعتقله، ثم قتله، وكان سبب تسليم أصحابه له قبحُ سيرته، وسفكُ الدماء من أصحابه، وتملَّك سَميران ولدُ مسافر، ومات طُغْرُلْبَك، وقام بعدَه ولده ألب أرسلان، فأراد إنفاذ من ينتهز الفرصة في تلك الأعمال، فسأله سُرْخاب بن كامرو الديلمي أمير ساوة أن يجعل أعمال الطرم مردودةً إليه، وأن ينتزعها من أولاد خشتان، وأرسل إلى نوح يتهدَّده وقال له: انزل إلى السلطان بأمان. فنزل، فقبض عليه، وجاء به إلى قلاع الطرم، وقال: سلِّموها. فلم يلتفتوا إلى سُرْخاب، ورجع إلى ساوة، ولم يظفر بطائل.
وفي جمادى الأولى خرج رئيس العراقَين أبو أحمد النهاوندي إلى باب السلطان مستقيلًا من ولاية العراق، ولَحِقَ الناسَ عليه من الأسف والحزن ما لا حدَّ عليه، لما رأوا منه من الإحسان وحسن السيرة والهيبة، وبكوا عليه، ولقَّبه الخليفة ذو الكفايتين، واستحلف أصحابَه في البلد، وأكَّد الوصية عليهم بالرعية، وقد كان واصل المكاتبات إلى السلطان بالاستعفاء من النظر في العراق، وسأل أن يكون على الباب، فأجابه.
ولمَّا طالت أيام ابن المحلبان ببلد شَهْرُزور وعرف السلطان، حرَّك الخليفة، فأنفذ كتابًا إلى أرسلان خاتون بالخروج من دار الخليفة إلى دار المملكة، ويتجهز إلى الري، فإنه مشتاق إليها، فأرسلت إلى الخليفة، فمنعها، وقال: ما السبب؟ فقيل: تأخَّر ابنُ