للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحلبان. فقال: ما أخَّرناه إلا ليصل ابنُ صاعد، ويسمع رسالته، ويردَّ الجواب، ويكون نفوذُهما جميعًا، وأما إذا استشعرتم فنحن نأمر ابنَ المحلبان بالإتمام، وكتب إليه بالمسير إلى السلطان، فسار.

وفي هذا الشهر جرت وقعةٌ بين مُعِزِّ الدولة (١) ثِمال بن صالح صاحب حلب، وبين الروم، أجملت عن قتل الروم وهزيمتهم، وسبب هذه الوقعة أنه كان لثِمال رسم على ملك الروم كلَّ سنة، مالٌ وثياب وتُحف، فلمَّا بعُدَ ثِمال عن حلب إلى مصر طمع صاحب الروم وقطع ذلك، فلمَّا عاد إلى حلب بعث وطلب الرسم، فجهز صاحب الروم العساكر إلى الشام، وجمع ثِمال بني كلب وغيرَهم، والتقوا على مكان (٢) يقال له: أَرْتَاح (٣)، وبعث ثمال أخاه عطية في مقدمته، واجتمعت إليه القبائل وبنو خفاجة، والتقَوا، فنُصروا على الروم، وكان بينهم وبين حلب ستة فراسخ، فانهزمت الروم، وقُتل أكثرُهم، وغنمهم، وفتح عِمّ (٤) وأَرْتَاحَ، وانتهى إلى أنطاكية، وحصرها، وضاق بهم الشيء، فصالحوه، وأعطوه مالًا ورسمه، ورجع. ويقال: إن الجارية الحسناء من الروم بيعت بخمسة دنانير، وكذا الفرس الجواد.

وفي رجب ملك قاروت بك بن داود بن أخي السلطان طُغْرُلْبَك مدينة شيراز ونواحيها، وتحصَّن فضلويه ببعض القلاع، وكان الديلم والأتراك يكرهون فضلويه لِما فعل بأبي منصور بن أبي كاليجار ووالدته، وكان قد كاتبوا قاروت بك بالمسير إلى شيراز، وقالوا: لا بُدَّ ما نقاتِلُك أيامًا فلا تخَفْ، فلما جاء وحَصَرَ البلد خرجوا إليه ثلاثة أيام، فقاتلوه، ثم سلَّموا إليه البلد، فأحسن إليهم، وخلع عليهم، وعدل في الناس، فأحبُّوه، وأطاعه أهل الأطراف وخطبوا له، وبعث بأسفنديار وأمه إلى كرمان، وأمَّا فضلويه فإنه لمَّا قرُبَ قاروت بك من شيراز مضى إلى موضع يُعرف (٥) بكُفَيرة على


(١) بعدها في (م) و (م ١) زيادة: وبين، والصواب عدم إثباتها.
(٢) العبارة في (م) و (م ١): والتقوا بمكان بحلب.
(٣) أَرْتاح: قرية من أعمال حلب بالقرب من حارم. بغية الطلب في تاريخ حلب ٢/ ١٠٢ ومعجم البلدان ١/ ٨٩.
(٤) تحرفت في (خ) إلى: عمر، والمثبت من (ف) و (م ١)، وعِمّ: قرية بين حلب وأنطاكية، ذات عيون وأشجار. معجم البلدان ٣/ ١٥٧.
(٥) تحرفت في (خ) إلى: يكره.