للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم نزلوا وهجموا عليهنَّ، وأخذوا مَنْ أرادوا منهنَّ، وخرج الباقون عُراةً إلى الطريق، واجتمع الناس وخلَّصوهنَّ من أيديهم، وجاء عميد الملك إلى دار الخلافة، وخدم عن السلطان، فأوصله [الخليفة] إليه، وخاطبه بالجميل ولاطفه، وأعطاه عِدَّة قطع ثيابًا؛ تشريفًا له، وطلب الحمية، وحمل خاتم السلطان وكان ذهبًا وفضةً وماسًا، وزنُه درهمان وحبتان، وقال: هذه الجهة الكريمة. ولزم مطالبًا لها، وبات في الديوان، وتردَّدت رسائلُ إلى الخليفة، فكان الجواب: إنك يا منصور بن محمد كنت تذكر أنَّ الغرضَ من الوصلة التشرُّفُ بها، والذكرُ الجميل لركن الدين فيها، وكُنَّا نقول: إننا ما نمتنع من ذلك إلا خوفًا من المطالبة بالتسليم، وجرى ما قد علمتَه، ثم أخرَجَنا ابنُ المحلبان، وقرَّر معكم قبل العقد ما أخذ به خطَّك، وأنه إن كان يومًا ما طالبه باجتماع كان ذلك في دار الخلافة، ولم يسمِّ لقراح الجهةَ منها، فقال عميد الملك: كلُّ هذا صحيح، والسلطان مقيمٌ عليه، وعازمٌ على الانتقال إلى هذه الدار العزيزة حيث ما استقرَّ، فليُفْرِدْ له ولِحُجَّابه وخواصِّه وغلمانه مواضعَ يسكنونها، فما يُمكِنُه بُعْدُهم عنه، وقطع بذلك الجهة، وجرت مراسلاتٌ استقرَّ انتقالُها إلى دار المملكة، وعلى أن لا يخرج من بغداد مع ركن الدين، ولا ينتقل معه في أسفاره، وأحضر قاضي القضاة حتى استحلفه على الاجتهاد في ذلك، وانصرف عميد الملك.

وفي المُحرَّم تُوفِّي سعيد بن مروان صاحب آمد، وكان أخوه نصر بميَّافارقين، ويقال: إنَّ نصرًا أخاه اتفق مع أبي الفرج الخازن على أن يسقي سعيدًا السُّمَّ، فسقاه، فلمَّا شربه أحسَّ [به]، فقال لأصحابه: اقتلوا هذا الكلب، فقد سقاني السُّمَّ. فقتلوه، ولم يظفر نصر من آمد بطائل، وكان السعيد له ولد صغير اسمه مسكويه، فأجلسوه مكان أبيه، وانحرف أهل البلاد على نصر وسَبُّوه، ونفروا منه.

وفي صفر حَملَ الخليفةُ إلى السلطان مئةَ ألف دينار ومئةً وخمسين ألف درهم وأربعة آلاف ثوب من أجناس مختلفة، وكلُّ ذلك منسوبٌ إلى المهر [مهر بنت الخليفة، ومحسوبٌ منه؛ لأن السلطان خطبها وتزوجها].

وفي ليلة الاثنين خامس عشر صفر زُفَّتِ السيدةُ ابنةُ الخليفة إلى السلطان، ونُصِبَ لها من دجلة إلى دار المملكة سُرادقُ، ودخلت فجلست على سريرٍ مُلبَّسٍ بالذهب،