على أعمالكم وآمالكم. فقالوا: نحن عبيدك، وجميعُ ما تدبِّره فما نخرج عنه. فجمع ما في العسكرين من مال ودوابَّ وثيابٍ وغيره، فأعطاهم إيَّاه، حتى الدَّواة التي كانت بين يديه، ولم يُبْقِ له سوى فرسٍ يركبه، وسار إلى الري، وهم معه، فوصلها يوم السبت سادس عشر رمضان، ودخل دار السلطنة، وجاء إلى المكان الذي فيه تابوت السلطان، فبكى وحزن حزنًا كبيرًا، وأراد الأمراءُ والحُجَّاب تمزيقَ ثيابهم، فقال: قد فات وقتُه، والصواب التشاغلُ بغيره، وأجلس سليمانَ على التخت، وجدَّد له الأيمان، وحطَّ من القلعة سبع مئة ألف دينار وستة عشرة ألف ثوب من الأنواع، وسلاحًا يساوي مئتي ألف دينار، وفرَّق الكلَّ، فدعوا له وشكروه، وقال لهم: ما ثَمَّ مَنْ يُخاف من منازعته إلا ألب أرسلان صاحب خراسان، وأنا أراسله وأقول: قد عرفتَ ما كان من وصية السلطان في مُضيِّ الأمير سليمان، وهو منك وإليك، وبضعة من جسمك، فإن طمحت إلى البلاد، فقد انحلَّ من الأعمال ما يوازي هذه البلاد -مثل خُوارَزم ونيسابور وغيرها- فهو لك، وإن كنت تريد المال فنحن نبعث إليك من هذه القلعة ما ترضى به، ونقيم الدعوة لك بعد سليمان، وتجتمع الكلمة، وتكون الدعوتان واحدة، والبلادُ محروسة، والدماءُ محقونة، وان أبيتَ وحاولتَ غيرَ ما رتبه السلطان فقد أعذرنا، ونحن نقصدك قبل أن تقصدنا، ويحكم الله بيننا وبينك.
وقيل: إن عميد الملك كتب كتابًا بخطِّه إلى ألب أرسلان أبرق فيه وأرعد، وخوَّف وهدَّد، فكان سببًا لمنيته، وكان السلطان قد اعتقل أنوشروان ابن امرأته في قلعة الري، فلمَّا قويَ مرضُ السلطان عاهده والي القلعة أن يُطلِقَه إن حدث بالسلطان حَدَث، فلما مات السلطان طالبه بما وعده به، فلم يفعل، وكتب إلى عميد الملك بسببه، فخاف عميدُ الملك منه، فلم يأذَنْ بإطلاقه، وكان في عقل أنوشروان لُوثةٌ، فاستدعى الموالي، وجلسا يلعبان بالشطرنج في الحجرة التي هو معتقَلٌ فيها، فوثب عليه فقتله، وثار أهل القلعة، وأحاطوا بالحجرة، فخاف على الجارية التي كانت له وكان يُحبُّها، فقال لها: اطَّلعي من هذه الرَّوزنة إلى الصحراء، وانظري من تحت القلعة. فاطَّلعت، فدفعها ورمى بها إلى الأرض لتهلك قبله، فدخل الريح في ثوبها، فحملها إلى ناحية