وورد الخبر بأنه قد ملكت جزيرة أُوال المسمَّاة بالبحرين، وهي من أعمال القرامطة، غلب عليها أهلها، وأمَّروا عليهم أبا البهلول عزام بن محمد بن يوسف بن الزجاج، فخطب بها للقائم، وكان يخطب بها لصاحب مصر، وبعث إليهم القرامطةُ جيشًا فهزموه، وكان أبو البهلول وأخوه أبو الوليد من أهل الدِّين، فأبْقَوا من القرامطة، واجتمع أهلُ الجزيرة عليهما، وبذلوا للقرامطة ثلاثةَ آلاف دينار حتى يُمكِّنوهم من بناء جامع يأوي إليه المجاورون والمسافرون والغرباء، ويُصلُّون فيه الجمعة، فأجابوهم، فلمَّا تكامل الجامع صَعِد أبو الوليد المنبر، فخطب للخليفة القائم، فقال من يهوى القرامطة: هذه بدعة، ويجب أن يُمنع بنو الزجاج من الخطبة، ويُصلُّون بغير خطبة، وتقدَّموا إليهم بذلك، فقالوا: ما بذَلْنا إلا ليجلب إلينا التجارَ والعجمَ والمسافرين، فإن كرهتم ذلك فادفعوا إلينا ما بذلناه، فمعيشتنا من هذا الباب. وكوتب القرامطة بذلك، فجاء الجواب بأن لا يعترض عليهم، فمال إليهم أهل تلك النواحي، فلمَّا أخرج الخليفةُ من بغداد نوبةَ البساسيري قال المخالفون لهم: الخليفةُ الذي كنتم تخطبون له زالت أيامه، والخطبة لصاحب مصر. فلم يمتنعوا من الخطبة للقائم، وبعثوا إلى القرامطة هديةً، وسألوهم أن لا يعترضوا عليهم، فجاء جوابُهم أن يجروا على عادتهم في الخطبة لمن أراد، وقويَ أمرُ أبي البهلول، ثم كتب القرامطةُ إلى نائبهم بأن يصادر أهلَ البلد، وكان عاقلًا، فامتنع، وعلم بنو الزجاج بذلك، فولَّوا عليهم أبا البهلول، وكانوا ثلاثين ألفًا، وقدم والٍ جديد، فعزم على القبض على أبي البهلول ومَنْ وافقه، فبادروه بالقتال، وكان بالجزيرة رجلٌ يقال له: ابن أبي العريان، كبير القدر، فوافقهم، وانحاز إلى أبي البهلول، وزحفوا إلى الوالي الجديد، فقتلوا من أصحابه جماعةً، وهرب، وكان الوالي العتيق الذي لم يُصادرهم يقال له: ابن عرهم، فجاء الجواب بأنَّا لا نردُّه والعساكر واصلةٌ. وبعث أبو عبد الله بن سَنْبَر -وزيرُ القرامطة- أحدَ أولاده إلى عمان لحمل مال وسلاح منها، وعَرَفَ أبو البهلول وابن أبي العريان ذلك، فكتما، وكمنا له في الطريق عند عوده، فقتلاه وأربعين رجلًا معه صبرًا، وأخذ ما كان معه وهو خمسة آلاف دينار وثلاثة آلاف رمح، ففرَّق المال والسلاحَ على أصحابهما، وبلغ ابنَ