أجناس، وسُرُرٍ من ذهب وفضة مُلَبَّسَين بهما، وبستانٍ أشجارُه من ذهب، وثمارُه اليواقيت والجواهر، ووزنه مئة ألف مثقال.
وقصد ألب أرسلان دخول اللَّان، فوقع ثلجٌ عظيم، فأتلف العساكرَ والدوابَّ والخيامَ وغيرَها، فعزم على العود إلى حيرة، وجاء ابن جعفر أمير تَفليس إلى الخدمة بمال وخيل، وبذل فضلون في تِفليس مالًا، فسلَّمها إليه السلطان، وبقي أميرُها على باب السلطان مقيمًا، وكان السلطان قد تزوَّج ابنةَ أخت بُقراط ملك الأنجار، ودخل بها في هذه المرة بهَمَذان، وحملها معه، وطلَّقها وزوَّجها فضلون، وحملها إليه.
وفي ربيع الآخر وردَتْ كتب مسلم بن قريش بأنه كسر بني كلاب ونهبهم ودفعهم عن الرحبة، ومعها قصبة فضة مصريَّة عليها علم، عليه اسم صاحب مصر، مكسورة منكسة، فطِيفَ بها في بغداد، وبعث الخليفة إلى مسلم بالخلع والتشريفات.
وفي يوم الثلاثاء حادي عشر جمادى الأولى على ساعتين ونصف كانت زلزلةٌ بأرض فلسطين أهلكت بلد الرملة، وبلغ حِسُّها إلى الرحبة، ولم يسلَمْ من الرملة إلا دربان فقط، وهلك فيها خمس عشرة نسمة، وكان في مكتب الرملة نحو مئتي صبي، فوقع المكتب عليهم، فما سأل أحدٌ عنهم لموت أهاليهم، وانشقَّت صخرة بيت المقدس، ثم عادت. وقيل: ما انشقَّت، بل زالت من موضعها، ثم عادت، وغار البحر مسيرة يوم، ودخل الناس إلى أرضه يلتقطون، فرجع عليهم، فأهلك خلقًا عظيمًا، وخربت بانياس، وسُمِعَ من السماء رعود وأصواتٌ هائلةٌ غُشي على الناس منها، وشقَّت هذه الزلزلة الفرات، ورفعت الماء إلى جوانبها. وقال علويٌّ من الحجاز: كانت زلزلةٌ عندنا في الوقت المذكور، فرمت شُرَّافتين (١) من منارة مسجد النبي ﷺ، فانزعج أهلُ المدينة، وقالوا: هذا نذيرٌ بآيةٍ تُصيبنا، فتابوا وأقلعوا، وأرا قوا الخمور، ونفوا الخواطئ من البلد، ولحقت الزلزلةُ وادي الصفراء ويَنبُعَ وبدرًا وخيبرَ ووادي القرى، وعمَّتِ الحجازَ، وانشقَّتِ الأرضُ عن كنوزٍ وجدوا فيها الذهب والفضة والمصاغ، ووزن الدينار مثقال ونصف، ونبعَتْ فيها عينٌ تستغل كلَّ سنة ألفي دينار، وظهر بتبوك ثلاثة عيون غير العين التي كانت بها، وأخذتِ الزلزلةُ في شرقي الحجاز
(١) الشُّرَّافة: زوائد توضع في أطراف الشيء تحليةً له. المعجم الوسيط (شرف).