للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جميعه، وأهلكت أيلة ومن فيها، إلا اثنا عشر رجلًا اتَّفق أنهم كانوا خرجوا إلى ساحل البحر يصيدون السمك.

وورد من بعض التجار كتابٌ في رجب يقول: وصلنا إلى دمشق وليس فيها سلطانٌ ولا بَيعٌ ولا شراء، وقد غلب أهلُها عليها، ولا يمكن أحدٌ الخروج منها ولا الدخول إليها، وانهزم أمير الجيوش صاحب دمشق إلى عسقلان، ونقض العامةُ قصرَه الذي كان ينزله، وجميعُ الساحل والشام محيط، والعجب أنهم اعتبروا حال هذه الزلزلة، فوجدوا السواحل والقدس والشام والمدينة وتبوك وتيماء والحجاز كلَّه والبلادَ الفراتية الجميع زلزلت في ليلة واحدة.

وفي نصف جمادى الأولى اجتمع الفقهاء والمُحدِّثون والفضلاء بديوان الخليفة، وسألوا إخراج الاعتقاد القادري وقراءته، فأُجيبوا، وقُرئ هناك بمحضر من الجميع، وسببه أنَّ أبا منصور بن يوسف تُوفِّي في هذه السنة، فاجتمعت المعتزلة إلى ابن الوليد، وقالوا: ما بقيَ مَنْ ينصرهم، اجلِسْ ودرِّسْ. وعبر الشريف أبو جعفر إلى جامع المنصور وقرأه، فضجَّ الناسُ بالدعاء للخليفة، وانقطع رجاءُ ابن الوليد عن التدريس؛ لأنه قيل: [من] (١) يُقِرُّ بهذا الاعتقاد، فليس بمسلم.

وفي يوم الثلاثاء ثامن ذي القعدة وليلة المهرجان خرج توقيعُ الخليفة إلى ابن جَهير بعزله، بمحضرٍ من قاضي القضاة الدامغاني، ويشتمل التوقيع على سبعة فصول؛ أولها: أنَّكَ عند رغبتك في الخدمة، كاتبتَ، وساولتَ، وبذلتَ المال وأشياءَ وُثِقَ بك فيها، فوفَّيتَ بالبعض، ودافعتَ بالبعض. والثاني: أنَّكَ لمَّا مات طُغْرُلْبَك كتبتَ إلى مسلم بن قريش استدعيتَه إلى الحضرة، فجرى من ذلك ما لا خفاء به من الخطر بالمهجة وخروج المال الكثير بسببه. والثالث: أنَّكَ تُسيء الأدب فيما يخرج إليك من الأوامر الشريفة، وفيما يُعرَض عليك من التوقيعات الكريمة، حتى ترمي بعضَها من يَدِك، وتخرق بعضَها بحَرَدِك (٢)، وهذا لمْ يُقدِم عليه أحدٌ قبلك من أهل الخدمة.


(١) هذه الزيادة من (م).
(٢) الحَرَد: الغضب. المعجم الوسيط (حرد).