للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأعلى (١). ولما سئل الشافعي عنه قال: كذب علي يونس، ما حدثته به، ولا حدثني به أحد. ومحمد بن خالد الجندي مجهول. وقال البيهقي: إنما أنكروه لأن الأحاديث في خروج المَهْدي من ولد نبينا مشهورة، فلا يعارضها هذا الحديث الواهي.

وقد رُويَ أن عيسى يُدفن مع نبينا في الحجرة، وقد ذكرناه في الحديث الذي في أول الفصل، وهو قوله : "ويُدفن في مسجدي أو حجرتي".

وفي حديث عروة عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، أَتأْذَنُ لِي إذَا مِتُّ بَعْدَكَ أَنْ أُدْفَنَ إلى جَانِبِكَ، فقال: "ما بقي في الحُجْرَة إلا مَوْضِعُ قَبْرِ عيسى" (٢).

وأخرج الترمذي عن عبد الله بن سلام قال: نَظَرْتُ في التَّوراة صِفَةَ رَسُولِ الله وعيسى ابن مريم، وأَنَّه يُدفن معه (٣).

والجواب أنَّه ليس في هذه الأخبار ما يصح، أما الحديث الأول فالصحيح من الرواية "ويُدفَنُ في مسجدِي"، وأما حديث عائشة، فقد ضعَّفه الحفاظ، وقالوا: لا يصح عن عائشة، وأما حديث ابن سلام، ففي إسناده أبو موْدُود المَدَنيِّ. قال البخاري: وهذا لا يصح عندي ولا يتابع عليه (٤).

وقال ابن عباس: يدفن عيسى عند باب حجرة النبي ، وهو الأصح لوجوه: أحدها: تأدبًا مع رسول الله .

والثاني: ليكون موافقًا لقوله : "ويدفن في مسجدي".

والثالث: لأنه حاجبٌ، لقوله: ﴿وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ [الصف: ٦]. والحاجب ينبغي أن يكون قريبًا من المحجوب لا أن يكون معه.


(١) انظر تاريخ دمشق ٥٧/ ٢٢٨ - ٢٣١، وانظر "تهذيب الكمال" ٢٥/ ١٤٩.
(٢) أخرجه ابن عساكر ٥٧/ ٢٣٤ من طريق طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن أبي بكر، عن عائشة. قال ابن كثير في البداية والنهاية ٢/ ٥٢٧: لا يصح إسناده.
(٣) سنن "الترمذي" (٣٦١٧).
(٤) "التاريخ الكبير" ١/ ٢٦٣، وتاريخ دمشق ٥٧/ ٢٣٥.