للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أخرج أحمد بمعناه بإسناده عن جابر بن عبد الله وذكر حديثًا طويلًا في الدجَّال، وفيه: "ومَعَه جِبَالٌ مِن خُبْز وَنَهْرَانِ وشَيَاطِيْن تُكَلِّمُ النَّاسَ، ويَأْمُرُ السَّماءَ فَتُمْطِرُ، ويَقْتُلُ نَفْسًا ثم يُحْييها، لا يُسلَّط على غَيْرِها مِنَ النَّاسِ، وَقَد حَرَّمَ الله عليه مَكَّةَ والمَدِينَة، فالملائكة قائمةٌ على أَبْوَابِها، ويفرُّ المسلمونَ منه إلى جبلِ الدُّخَان بالشَّام، فَيَأتيهم فَيَحْصُرُهُم فيه، وَيَشْتَدُّ حِصَارُهم، فَيَنْزِلُ عيسى فَيُنَادِي وَقتَ السَّحَر، أَيُّها النَّاسُ مَا يَمْنَعُكُم أَنْ تَخْرُجُوا إلى الكَذَّابِ الخَبِيْثِ، فَيَنْطَلِقُونَ معهُ ويَقولُون: هذا رجل جِنِّيٌّ، فتُقام الصَّلاةُ، فيقال لعيسى: تَقَدَّم يا رُوحَ اللهِ، فيقول: ليَتَقَدَّم إمَامُكُم فَلْيُصَلِّ بكم. فإذا صَلَّوا صَلاةَ الصُّبحِ، خَرَجُوا إليه، فحين يَرَاهُ الكَذَّابُ يَنْمَاثُ كما يَنْمَاثُ المِلْحُ في الماء، فَيَمْشِي إليه فَيَقْتُلُه، حتى إنَّ الشَّجرَةَ والحَجَرَ لَيُنَادِي: يَا رُوحَ الله، هذا يَهُودِيٌّ، فلا يَتْرُك أَحَدًا ممن كَان يَتْبَعُهُ إلا قَتَلَهُ" (١).

وقيل للحُسين بن الفضل البَجَلِيِّ: هل تجد نزول عيسى في القرآن؟ قال: نعم، في قوله تعالى: ﴿وَكَهْلًا﴾ [آل عمران: ٤٦] وهو لم يكتهل في الدُّنيا، فصار معناه: وكهلًا بعد نزوله.

وأنبأنا غير واحد، حدثنا يوسف بن محمد بن محمد بن عمر الأرموي بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "كَيْفَ تَهْلكُ أُمَّةٌ أَنَا في أَوَّلِهَا، والمَهْدِيُّ مِن أَهْلِ بَيْتِي في أَوْسَطِها، وعيسى في آخِرِها" (٢).

وقد روى الشافعي عن محمد بن خالد (٣) الجَنَدي عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس قال: قال رسول الله : "لا يَزْدَادُ الأَمْرُ إلَّا شِدَّة، ولا الدُّنيا إلا إدْبارًا، ولا النَّاسُ إلا شُحًّا، ولا تَقُوم السَّاعةُ إلَّا على شِرَار الناس، ولا مَهْدِيَّ إلا عيسى ابن مريم" (٤). إلا أنه حديث لا يصح، قال البيهقي: لم يروه عن الشافعي غير يونس بن عبد


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٤٩٥٤).
(٢) أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٥/ ٣٩٥.
(٣) في (خ) و (ك): مخلد، وهو خطأ، وليس في (ب)، بل فيها: وروي عن الشافعي، وسيرد على الصواب.
(٤) أخرجه ابن ماجه في "سننه" (٤٠٣٩)، والحاكم في "مستدركه" (٨٣٦٣)، والبيهقي في "المعرفة" (٢٠٨٢٧)، وبيان من أخطأ على الشافعي ص ٢٩٦.