أبي، وآخذُ منه كرمان. وسار إلى قتال أبيه، وبعث معه السلطان ألوفًا من الأتراك والتركمان، ووصل إلى كرمان، فخرج إليه قاروت بك، واقتتلوا، فانهزم إسحاق.
وفيها سار السلطان من هَمَذان قاصدًا بلاد الروم، وكان أهل منبج في عسكره مستصرخين مما جرى عليهم من ملك الروم.
وفي ذي الحجة ورد رسول محمود بن الزَّوقلية صاحب حلب بكُتُبٍ تتضمن الإعلام بإقامة الخطبة بها للخليفة وللسلطان، وتلقَّاه الخدم والحُجَّاب، وقُرئت الكتب في دار الخلافة، وضُربت البشائر على باب بيت النُّوبة، ووردت الكتب بأنَّ بني كلاب خطبوا أيضًا بسواد دمشق للخليفة والسلطان، وكان الوزيرُ ابنُ جَهير قد كتب إلى ابن الزَّوقلية ومُقدَّمي دمشق والعرب يدعوهم إلى إقامة الدعوة، ويَعِدُهم بالجميل والأمان من التركمان وعساكر السلطان، فأجابوا، ولمَّا عزم محمود بن الزَّوقلية على ذلك جمع الأكابر وقال: قد علمتُم أنَّ الدولة التي كنَّا طائعين لها قد ذهبت، وهذه دولة جديدة وعساكر عظيمة، ونحن فقد ضَعُفنا، ونخاف أن يجيئنا مَنْ لا طاقة لنا به، وربما ألمَّ [بنا (١)] سلطاننا ونحن على ما نحن عليه من الوهن والتسيير إلى دولة غيرها مما تعرفون به من الاعتقاد والمذهب ما يستحِلُّون به دماءَكم وأموالكم، والرأيُ أن نقيم الخطبة لهم قبل أن يجيئَنا وقتٌ لا ينفعنا فيه قولٌ ولا بذل. فأجابوه وصوَّبوا رأيه، فلمَّا كان من الغد وهو يوم الجمعة خرج الخطيب والمؤذِّنون بالسواد، فلمَّا رآهم الناس ارتاعوا، فلمَّا ذُكِرَ الخليفةُ والسلطانُ نفروا وخرجوا من الجامع، فلمَّا كان الجمعة الأخرى رتب محمود بن خان والغُزُّ معه على باب الجامع وقال: مَنْ خرج ولم يُصَلِّ اقتلوه. وعرف مشايخُ البلد وأحداثُه فخافوا من النهب، فاجتمعوا بمحمود وقالوا: لا حاجة لنا إلى الغُزِّ، نحن نفعل هذا. ووقفوا على باب الجامع حتى خطب الخطيب وصلَّى الناس، وأخذت العامَّةُ الحُصرَ من الجامع، وقالوا: هذه حُصر علي بن أبي طالب، فيجب أن يُحضر أبو بكر حصرًا يُصلِّي عليها. وأقام الناس مدةً يصلُّون على الأرض.