وفيها خرج عميد الدولة أبو منصور بن فخر الدولة الوزير إلى الري قاصدًا ألب أرسلان ليتعرف خبره ويستوحش له عن الخليفة، وأخذ معه هدايا كثيرةً للسلطان ولنظام الملك، فيها مهد أسود مُغشًّى بالديباج للسلطان.
وفيها كتب ألب أرسلان إلى الخليفة يخطب للأمير عِدَةِ الدين أن يزوِّجه بابنته من خاتون السفيرية، وكانت الرُّقعة بخطِّ السلطان، فأجابه إلى ذلك، وفي هذا الوقت سار نور الدولة بن مَزْيد إلى خدمة السلطان إلى أصبهان، فخرج نظام الملك ليلتقيه وأرباب الدولة، ودخل على السلطان فأكرمه وقرَّبه، وكان قد هيَّأ لهزارسب خِلعًا سلطانية، فتوفِّي، فخلعها على نور الدولة، وكان في الِخلَع الجُبَّة والفَرَجية والعمامة والخيل بمراكب الذهب والأعلام والكوسات، وكان هزارسب وعد فيه نور الدولة يؤديه ويقصده، وقد ملأ قلب السلطان عليه، فرضيَ عنه ألب أرسلان، وعلم مقاصدهم هزارسب فيه، وضمنه واسط التي قصد هزارسب إهلاكها لأجلها، ولمَّا عاد إلى بغداد خرج الوزير ليلتقيه، وخلع عليه ببيت النُّوبة الفَرَجية والعمامة، وحُمل على فرس بمركب فضة، فقال: قد أعطى هزارسب فرسًا بمركب ذهب، فلِمَ قصَّر بي ورد الفرس؟ فثقُلَ على الخليفة، وخرج جوابُه. قال الشافعي: ما أعطيتُ أحدًا فوق ما يستحِقُّه إلا نقصني مما أستحِقُّه. ثم إنَّ مسلم بن عقيل اقتدى به، وقصد باب السلطان فأكرمه، ودعا السلطانَ إلى خيمته، فجاءه ونادَمَه، وطلب من السلطان أن يزوِّجه أخته التي كان زوَّجها لهزارسب، فأجابه، وأمر نظام الملك بعقد العقد، وكان السلطان بهَمَذان، وأقطعه إقطاعًا في العراق منه المدائن.
وفي هذا الوقت كتب إسحاق الملقَّب بسلطان شاه بن الأمير قاروت بك إلى السلطان يطلب المسير إلى بابه، وأن يطأ بساطه، وكان ألب أرسلان يكتب إلى قاروت بك: ما يُفسِد بيني وبينك ويضرب إلا هذا الولد، فسلِّمْه إليَّ وقد زال ما بيننا. وقاروت بك يقول: لا أسلِّمه. وأخذ منه ألب أرسلان بلاد فارس وشيراز ومعظم كرمان بسببه، وكان آخرُ أمرِه أن خرج إلى أبيه، ولمَّا وصل إلى ألب أرسلان أكرمه إكرامًا زائدًا، وأعطاه من الخيل والثياب وغيره ما يساوي عشرة آلاف دينار، وقال: أنا أذهب فأُقاتل