للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطريق، وقالت: هذا ما نفعني وقتَ حاجتي ما أُريده. فلم يلتفِتْ إليها أحد، وكلُّ هذه الأشياء كان ابنُ حمدان سببَها، ووافق انقطاعَ النيل (١)، وضاقت يدُ ابن أبي هاشمٍ أميرِ مكة بانقطاع ما كان يأتيه من مصر، فأخذ قناديل الكعبة وستورَها وصفائحَ الباب والميزابَ، وصادر أهلَها، فهربوا، وكذا فعل أمير المدينة [أخذ قناديل المسجد وغيرَها].

وفيها أوقف نظام الملك الأوقاف على النظامية، وحضر الوزير والقضاة والعدول في بيت النُّوبة، وكتبوا الكتُب وأثبتت، ومما أوقفَ سوق المدرسة وضياعًا وأماكن، وشرط الشروط المعروفة.

وفيها قتلَ أصحابُ السلطان فضلويه بن علويه الشوانكاري، قد ذكرنا أن نظام الملك اصطنعه، وأخذه من خرشنة، وأنَّه ضمن على نفسه مالًا للسلطان، فمالت نفسُه إليه وعزم على إطلاقه إذا وافاه، ولمَّا رجع السلطان من كرمان أشار عليه نظام الملك باعتقاله في قلعة لأصبهان، فقال فضلويه: أحتاجُ أن أكون قريبًا من أعمالي. فاعتُقِل بإصطخر، وحفروا له فيها بئرًا واسعةً، وحُطَّ فيها، ووكل به، وأثبت نحو ستين نفسًا من أصحابه وثقاته زعم أن عندهم أمواله، وكانوا على مذهبه في المكر، ووافقهم على مالٍ جحدوا بعضَه وأقرُّوا بالبعض، وسبُّوه ولعنوه، وذكروا أنه يكذب عليهم في أكثر ما يدَّعيه، وأظهروا التبرِّي منه، وكلُّ ذلك بمواطأةٍ منهم، ولم يقع في ذلك شكٌّ ولا ارتياب، وأمرهم بالمطاولة فيما يُحضِرونه من المال، إلى أن وقع من السكون إليهم، ثم اتفق معهم على قتل صاحب القلعة في بعض الليالي وإخراجه من البئر، فوثبوا على صاحب القلعة فقتلوه، وسمع الموكلون بفضلويه الصياح، فنزلوا وذبحوه، وجاء أصحابُه إلى رأس البئر فصاحوا به، فرمى الموكلون به رأسه إليهم، وقالوا: هذا فضلويه فخُذوه. فخُذِلوا، ولحقهم مَنْ في القلعة من الجند فقتلوهم، وكان نظام الملك قد أوصى الموكلين به: متى سمعتم صياحًا فاقتلوه، ولا تنتظروا ما يُسفر الحالُ عليه، فلستُ بآمنٍ هؤلاء الشوانكار أن يخرجوا علينا من بعض هذه الأودية فياخذوه، فلمَّا سمعوا هذا القول، وتخمَّر في نفوسهم، وسمعوا الصياح في القلعة، قتلوه.


(١) في (م) و (م ١): السبل.