للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على منعهم؛ لضعفه، فذبحوها وأكلوها، فأُخِذوا وصُلِبوا، فأصبح الناس فلم يروا إلَّا عظامهم، أكلَ الناسُ لحومَهم.

ودخل رجل إلى الحمام، فقال له الحمَّامي: من تريد أن يخدُمَك سعدُ الدولة أو عزُّ الدولة أو فخرُ الدولة؟ فقال الرجل: أتستهزئ بي؟ فقال: لا واللهِ، انظُرْ إليهم. فنظر فإذا أعيانُ الدولة قد صاروا يخدُمون الناس في الحمام.

وباع المستنصر جميعَ ما في قصره، حتى أخرج ثيابًا كانت في القصر في زمن الطائع لمَّا نهب مُعِزُّ الدولة دارَه في سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة وأشياءَ أُخذت في نوبة البساسيري، وأخرج طَسْتًا وإبريق بلَّور، يسع الإبريق رطلين ماء، والطَّسْت أربعة أرطال، فبيعا باثني عشر درهمًا، وبِيعَ من هذا الجنس ثمانون ألف قطعة، وأما الجواهر واليواقيت والدِّيباج وغيره والخُسْرواني فشيءٌ لا يُحصى، وأُحصي من الثياب التي أُبيعَتْ ثمانون ألف ثوب، وعشرون ألف ذراع، وعشرون ألف سيف محلَّى، وباع المستنصر ثياب جواريه وسُجوف المُهود (١)، وكان الجندُ يأخذون ذلك بأقلِّ ثمن، وباع رجلٌ دارًا بالقاهرة كان اشتراها بسبع مئة دينار بعشرين رطل دقيق، وبِيعَتِ البيضةُ بدينار، وإرْدَبُّ القمح بمئة دينار في أول الأمر، ثم عَدمَ أصلًا، وكان السودان يقفون في الأزِقَّة يشفون النساء بالكلاليب، يُشرِّحون لحومهنَّ وأفخاذهُنَّ وأعجازهُنَّ ويأكلونها، واجتازت امرأةٌ بزقاق القناديل بمصر -وكانت سمينةً- فعلَّقها السودان بالكلاليب وقطعوا من عجزها قطعة وقعدوا يأكلونها، وغفلوا عنها، فخرجت من الدار واستغاثت، وجاء الوالي وكبس الدار، فأخرج منها ألوفًا من القتلى، وقتل السودان، [وسُمِّي زقاق القتلى؛ لكثرة ما قُتِل فيه] واحتاج المستنصر، فأرسل فأخذ قناديل الفضة والستور من مشهد إبراهيم الخليل ، وخرجت امرأةٌ من القاهرة ومعها (٢) مدُّ جوهر، فقالت: مَنْ يأخذ هذا ويُعطيني عِوَضه مُدَّ بُرِّ (٣) فلم يلتفِتْ إليها أحد، فألقته في


(١) السُّجوف؛ جمع سُجْف: وهو أحد السترين المقرونين بينهما فرجة. المهود؛ جمع مهد: وهو سرير الصبي. المعجم الوسيط (سجف) و (مهد).
(٢) في (م) و (م ١): بيدها.
(٣) في (خ) و (ف): مُدَّين، والمثبت من (م) و (م ١): وهو يوافق ما في تاريخ الإسلام ١٠/ ١٤١.