للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنَّما العيشُ مثلُ ظِلٍّ … منتقلٍ ما لَهُ ثباتُ

وقال: [من الطويل]

ولمَّا رأَوا عُشَّاقَهُ ووُشَاتَهُ … وقد حاولوهُ مِنْ جميعِ جهاتِهِ

رمى كلُّ قلبٍ مِنْ هواهُ بِلَوعةٍ … فغُودِرَ مطويًا على زفراتِهِ

وقال: [من الخفيف]

يا مُحِبَّ الدنيا الغَرورِ اغترارا … راكبًا في طِلابها الأخطارا

يبتغي وصْلَها فتأبى عليه … وترى أُنْسَه فتُبدي نَفارا

خان مَن يبتغي الوصال لديها … جارةٌ لم تزَلْ تُسِيءُ الجوارا

كم مُحِبٍّ أرَتْهُ أُنسًا فلمَّا … حاول الوصلَ صيَّرتْهُ ازورارا (١)

شِيبَ حلوُ اللذاتِ بالمُرِّ (٢) منها … إنْ حَلَتْ مرَّةً أمَرَّتْ مِرارا

في اكتساب الحلالِ منها حسابٌ … واجتنابُ الحرامِ يُصلي النَّارا

ولباغي الأوطارِ منها عناءٌ … وسيقضي وما قضى الأوطارا

كلُّ لذَّاتِها مُنغَّصةُ الغُـ … ـبِّ (٣) وأرباحُها تعودُ خَسارا

وليالي الهموم فيها حِوالٌ … وليالي السرور تمضي قِصارا

وكفى أنها تضنُّ فإن جا … دتْ بنزرٍ أفنَتْ بهِ الأعمارا

وإذا ما سَقَتْ خمورَ الأماني … صيَّرَتْ بعدها المنايا خِمارا

كم مَليكٍ مُسلَّطٍ ذَلَّلتْهُ … بعد عِزٍّ فما أطاقَ انتصارا

وغنيٍّ مموَّلٍ أعدمَتْهُ … بعدَ وَجْدِ مُخالفِ الإقتارا

ونعيمٍ قد أعقَبَتْهُ ببؤسٍ … ومغانٍ قد غادرَتْها قفارا

أيُّها المستعيرُ منها متاعًا … عن قليلٍ تسترجع المستعارا

عَدِّ عن وصلِ مَنْ يُعيرُك مَا يفـ … ـنى ويُبقي إثمًا ويُكسِبُ عارا

قد أرَتْكَ الأمثال في سالفِ الـ … ـدَّهرِ وها قد أرَتْكَ فيكَ اعتبارا


(١) في الأصلين (خ) و (ت): زرارا! والمثبت من المدهش ص ٢٧٨.
(٢) في (خ): باللهو، والمثبت من (ف) وينظر المدهش.
(٣) في المدهش وغيره: العيش، والمعنى متقارب.