للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخلاط فتحهما، وقتل وسبى، وبعث بين يديه الإفشين في سرية، وكان أريسغي زوج أخت السلطان معه جماعة من النَّاوكية، وكان السلطان يطلبهم، فساروا منحازين إلى البلاد التي للروم، خائفين من السلطان، ورحل السلطان إلى بلد ميَّافارقين، فخرج إلى خدمته نصر بن مروان وهو خائفٌ منه، وكان الوزير نظام الملك قد مضى إليه، وخرج به السلطان فقرَّبه، وخلع عليه، وقسط عليه مئة ألف دينار للجند، وأخرج للسلطان من الإقامات شيئًا كثيرًا أخذه من الرعية قرَّره عليه، وقال: ما لنا إلى أموال الفلاحين حاجة. فحمل الإقامات مِنْ خاصَّته، وفتح حصن السويداء وحصونًا كثيرة، وكان الغُزُّ يبقرون بطون النساء، ويقتلون من الأسارى من يضعف عن المشي معهم، وشرع جماعة من الغلمان إلى حرَّان ونواحيها فنهبوها، وهرب الناس إلى حصن الرافقة، ونزل السلطان الرُّها وقاتله أهلُها، وطمَّ الخندق بالأشجار وغيرها، وكانوا قد بذلوا أول ما نزل خمسين ألف دينار وينصرف عنهم، فرضي، وفتر القتال عنهم، فقالوا: لا نُعطيك المال حتَّى تعدم آلات الحرب وتُحرقها، فأمر بكسرها وتحريقها، فلمَّا فعل ذلك رجعوا، وكان عنده رسول من الملك، وهو الواسطة بينهما، فاغتاظ السلطان، وتقدَّم بمسك الرسول وقتله، فقال نظام الملك: هذا لم تجْرِ به عادة، ولا أُحِبُّ أن تُسنَّ سنةٌ لا يُعرَفُ باطنُها ويَقْبُح ظاهرها. ولطف به حتَّى أفرج عن الرسول، وأعطاه جواب كتبه وصرفه، ورحل في الحادي عشر من ربيع الآخر طالبًا للفرات، لحالين: أحدهما تأخُّر خبر الإفشين، والثاني تقاعد مَنْ بقي معه من العراقيين عسكر طُغْرُلْبَك عن القتال، وخبَتْ نفوسهم لتأخُّر أرزاقهم، ولمَّا انصرف عن الرُّها استخرج أهلُها القتلى وقطعوا رؤوسهم ليحملوها إلى ملك الروم، وأحرقوا جثثهم، وصالح أهلَ حران على مال، ونزل السلطان على الفرات رابع عشر ربيع الآخر، ولم يخرج إليه محمود صاحب حلب، فغاظه ذلك، وعبر الفرات، وأخربتِ العساكرُ بلد حلب ونهبوها، ووصلوا إلى القريتين من أعمال حمص، ونهبوا بني كلاب، وعادوا بغنائم عظيمة، وهربت العرب إلى البرية، وراسل محمودَ، وطلب منه الحضور، فامتنع، وحمل إليه الأموال التي قسطها على بلاده، فقال: ما أعرف لامتناعك من قصدِ خدمتي، مع إقامتك الخطبة لي، واتصال مكاتبتك وجهًا، وقد علمتَ إحساني إلى كلِّ