فالخمرُ من طيبِ ريحٍ الحُبِّ قد شَرُفَتْ … والوردُ أضحى يُحاكي خدَّ مولايَ
وقال أيضًا: [من البسيط]
بالله أقسمُ أيمانًا مُغلَّظةً … ما مثلُ حبِّي مشى في سائرِ النَّاسِ
إذا بدا يتثنَّى خِلْتَهُ قمرًا … من فوق غصنٍ مديد الفَرْعِ ميَّاسِ
شربتُ من لَحْظهِ خمرًا سكرتُ بها … زادت على نعت خمرِ الكأسِ والطاسِ
فأورثَتْ مُهجتي من حُبِّه دنفًا … وعظَّمَتْ حال أفكاري ووسواسي
ومن هذا قولُه وإخبارُه عن نفسه فكيف يُقبَلُ جرحُه وتعديلُه؟ وإنما العصبية ذهبت بالدين.
ومن شعره: [من الوافر]
لَعمرُكَ ما شجاني رسمُ دارٍ … وقفتُ بها ولا ذِكْرُ المغاني
ولا أثرُ الخيامِ أراقَ دمعي … لأجلِ تذَكُّري عهدَ الغواني
ولا ملَكَ الهوى يومًا قيادي … ولا عاصَيتُهُ فثنى عِناني
عرفتُ فِعاله بذَوي التَّصابي … وما يَلْقَون من ذُلِّ الهَوانِ
فلم أُطْمِعْهُ فيَّ وكَمْ قتيلٍ … لهُ في الناسِ ما يُحصى وعانِ (١)
طلبتُ أخًا صحيحَ الودِّ محضًا … سليمَ الغَيبِ مأمونَ اللسانِ
فلم أعرِفْ من الإخوانِ إلَّا … نفاقًا في التباعدِ والتَّداني
وعالمُ دهرِنا لا خيرَ فيه … ترى صُورًا تروقُ بلا معاني
ووصفُ جميعِهم هذا فما إِنْ … أقولُ سوى فلانٍ أو فلانِ
ولمَّا لم أجِدْ حرًّا يواتي … على ما نابَ من نوبِ الزمانِ
صبرتُ تكرُّمًا لقِراعِ دهري … ولم أجزَعْ لما منهُ دهاني
ولم أكُ في الشدائدِ مستكينًا … أقولُ لها ألا كُفِّي كفاني
ولكني صليبُ العُودِ عَوْدٌ … ربيطُ الجأشِ مجتمعُ الجَنانِ
أبيُّ النَّفسِ لا أختارُ رزقًا … يجيءُ بغير سيفي أوسناني
لَعِزٌّ في لظى باغيه يثوي … ألذُّ من المذلَّةِ في الجنانِ
(١) العاني: الأسير. المعجم الوسيط (عني).