للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي شعبان ورد كتاب [نظام الملك إلى الوزير ابن جَهير بوقعةٍ كانت بين] (١) السلطان ملك شاه وعمه أبي الحارث قاروت بك بأعمال هَمَذان يوم الأربعاء سادس شعبان، وأُسِرَ قاروت بك وأولادُه سلطان شاه وغيرهُ.

ذكر السبب:

لمَّا توفي السلطان كان أخوه قاروت بك بكرمان سار إليها من عمان، فحمل على نفسه وخاطر بها، وركب في البحر في الشتاء، وخاف [من أن يسبقه إلى الري] وظَنَّ أنَّ العسكر تستأمن إليه، وعزم على نزوله على التركمان، وكانوا بين الري وهَمَذان، وكان معه عسكر يسير ألفا فارس وأربعة آلاف راجل، وبلغ السلطان ونظام الملك فأخذا من قلعة الري خمس مئة ألف دينار وخمسة آلاف ثوب وسلاحًا، وخرجا من الري، فسبقاه إلى التركمان، وفرَّقا الأموال فيهم، ووصل قاروت بك بعدها بيومين، وقد فاته ما حسبه في التركمان، وكان مع ملك شاه عسكر كبير من التركمان والعرب والأكراد والغلمان، واقتتلوا، فحمل قاروت بك على الميمنة فطحنها، واستأمن أكثرُ أهلها إليه، ثم حمل على المسيرة فكسرها والسلطان والنظام في القلب، فحملا عليه، فاندقَّ هاربًا، وأسر سلطان شاه إسحاق وأخويه وأولاد قاروت بك، فلمَّا كان من الغد جاء سواديٌّ فقال للسلطان: عمُّكَ في القرية الفلانية مع ولدٍ له، فابعث معي من يأخذه. فسار السلطان بنفسه، وقدَّم بين يديه جماعةً من خواضه، فأخذه ساوتكين، وحُمِلَ إلى خيمة وقُيِّد.

وقيل: إنهم لمَّا جاؤوا به ركب السلطان ووقف، وجيء به إليه ماشيًا، فأومأ إلى الأرض، وقبَّل يد السلطان، فقال له: يا عم، كيف أنتَ من بَغْيِك؟! أما تستحي من هذا الفعل؟ أنت ما قعدت لأخيك في عزاء، ولم تنفذ إلى قبره ثوبًا تطرحه عليه، والغرباء قد حزنوا عليه، وأنت أخوه اطَّرحتَ وصيتَه، وأظهرتَ الشماتةَ [به]، والسرورَ بموته، لكن لقَّاكَ اللهُ سوءَ فعلك. فقال: واللهِ ما أردتُ قصدَك، ولكنَ عسكرك (٢) كاتبوني ليلًا ونهارًا بالتعجيل، فجئتُ لأمرٍ قضاهُ الله تعالى وأرادهُ فيَّ.


(١) ما بين حاصرتين هنا وفي المواضع الثلاثة الآتية من (ب).
(٢) في (خ): عشيرتك، والمثبت من (ب).