للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأنا بريءٌ منه، تائبٌ إلى الله تعالى ممَّا كتبتُه، وإنَّه لا يحِلُّ كتابتُه، ولا قراءتُه، ولا اعتقادُه، وإنني علقتُ مسألة الليل في جملة ذلك، وإن قومًا قالوا: هو أجسام سود، وقلت: الصحائح ما سمعته من الشيخ أبي علي -يعني ابن الوليد- وأنه قال: هو عدم، ولا يُسمَّى جسمًا ولا شيئًا أصلًا، واعتقدتُ أنا ذلك، وأنا تائبٌ إلى الله تعالى منه، واعتقدتُ في الحلَّاج أنَّه من أهل الدين والزهد والكرامات، وصنَّفتُ في ذلك جزءًا نصرتُه فيه، وأنا تائبٌ إلى الله منه، وأنه قُتِلَ بإجماع فقهاء عصره، وأصابوا في ذلك، وأخطأ هو، ومع ذلك فإنني أستغفر الله تعالى منه وأتوب إليه من مخالطة المبتدعة ومكاثرتهم والتعظيم لهم؛ فإن ذلك كُلَّه حرام، ولا يحِلُّ لمسلم فِعْلُه؛ لقول النبي : "مَنْ عظَّم صاحبَ بدعةٍ فقد أعان على هدمِ الإسلام" (١).

وقد كان الشريف أبو جعفر ومن معه من الشيوخ والأتباع سادتي وإخواني -حرسهم الله تعالى- مصيبين في الإنكار عليَّ لما شاهدوه في الكتب التي أبرأُ إلى الله منها وهي بخطي، وإنَّني مخطئٌ غيرُ مصيب، ومتى حفظ علي ما ينافي هذا الخط وهذا الإقرار فلإمام المسلمين مكافأتي على ذلك بما يوجبه الشرع من ردعٍ ونكالٍ وإبعادٍ وغيرِ ذلك، وأشهدتُ اللهَ تعالى وملائكته وأولو العلم على ذلك، غير مُجْبَر ولا مُكْرَه، وباطني وظاهري في ذلك سواء، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾ [المائدة: ٩٥] وكتب في يوم الأربعاء عاشر المُحرَّم سنة خمس وستين وأربع مئة (٢).

وفيها قُتِلَ السلطان ألب أرسلان، وأُقيم ولدُه ملك شاه مَقامَه، وكانت وفاته في ربيع الأول، واشتغل ولده بما طرأ عليه من الحوادث، فلما كان يوم الخميس ثامن رجب وردت كتبه إلى الخليفة في إقامة الخطبة له، فأُقيمت على المنابر.

وفي سلخ رجب خرجت خاتون زوجة الخليفة إلى الري، وشيَّعها عميد الدولة ابن الوزير والخدم إلى النهروان.


(١) أخرجه الآجُري في الريعة (١٩٦٩) من حديث عائشة ، والشاشي في مسنده (١٣٢٦) من حديث معاذ بن جبل .
(٢) الخبر في المنتظم ١٦/ ١٤٣ - ١٤٤.