الملك، وكان إلياس وملك شاه قد عبرا إلى تِكين ليقاتلوه، فنُصر عليهم ونهبهم، وكان في جملة النهب طَستٌ من ذهب مُرصَّع، ولما عاد إلياس وملك شاه وقطعا جيحون إلى ناحية خراسان وقال تِكين لأخت السلطان: أنتِ أطمعتيهم في العبور، فيقال: إنه رفسها فماتت، وبلغ ألب أرسلان فقصده وبعث وحلف أنَّه ما فعل، ثم زوَّجه تِكين أختَه، ولمَّا عاد من كسرة ملك الروم دخل بها ومال إليها ووجد ذلك الطَّست الذهب نهب من ملك شاه في الجهاز، فقال في نفسه: ما أنفذ هذا الطَّست إلا تقريعًا لي، وإذكارًا بكسرة ولدي، ثم عزم على العبور إليه، فجمع العساكر العظيمة، ويقال: إنه عبر في مئتي ألف فارس وراجل، وعمل جسرًا عظيمًا في الزوارق، وعبر في أربعة وعشرين يومًا، وذلك في صفر، واستباح عسكرُه الحريم، ونَهبت مُقدَّمته سواد بخارى، ومرَّت مُقدَّمتُه بقلعة يقال لها: نيرون، وبها رجلٌ خُوارَزمي -اسمه يوسف- فحاصروه، ثم استنزلوه، وحُمِلَ بين غلامين تركيين، كلُّ واحد منهما قد أخذ بيده إلى بين يدي السلطان، فلمَّا رآه شتمه ووافقه على أفعال قبيحة كانت منه، وتقدم إلى باب يضرب له أربعةُ أوتاد وتُشدُّ أطرافُه إليها قِتلةً يعرفونها، فقال له يوسف: مُخنَّثٌ مثلي يُقتل هذه القِتْلة. فاحتدَّ السلطان، وأخذ القوس والنُّشَّاب، وقال للغلامين: خَلِّيا عنه. فخلَّياه، ورماه بسهم فأخطأه، ولم يُخطئ له سهم قبلَه، وعدا يوسف عليه فضربه بسكين كانت معه في خاصرته، ووقع سعد الدولة الكوهراني على وجهه، وبرك يوسف عليه فضربه بسكين كانت معه. وقيل: إنه كان واقفًا، فجرحه يوسف جراحاتٍ ما أثَّرت فيه، ونهض السلطان إلى خيمة أخرى، ولَحِقَ يوسفَ فرَّاشٌ أرمنيٌّ، فضرب رأسَه بالمَرْزُبة فقتله، وقُطِّعَ قِطَعًا، وتقدم بإحضار قلبه ومرارته، فأُحضِرا، فكانا عظيمين، وشُدَّت الجراحة، وعاد إلى جيحون، فتُوفِّي يوم السبت عاشر ربيع الأول بعد أن أوصى في العسكر بملك شاه وبنظام الملك وطاعته، وأن يعطي إلياس ولدَه ما كان لداود والده وخمس مئة ألف دينار، وللأمير قاروت بك أعمال فارس وشيراز ومالًا عيَّنه، وأن يزوَّج بخاتون الشقيرية زوجته، وتكون القلعة وما فيها والأعمال الجبلية والفراتية وما كان بيد طُغْرُلْبَك عمه لملك شاه، فمن رضي أقرَّ على ذلك، وإلا قوتل.