للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال محمد بن [هلال] الصابئ: ورد إلى مكة إنسان أعجميّ يعرف بسلا (١) من جهة السلطان جلال الدولة ملك شاه، ودخلها وهو على بغلة بمركب ذهب، وعلى رأسه عمامةٌ سوداء، وبين يديه الطبول والبوقات، ومعه للبيت كسوة ديباج أصفر، عليها اسم محمود بن سُبُكْتِكين وهي من استعماله، وكانت مودعةً في نيسابور مثل ذلك العهد عند إنسان يُعرف بأبي القاسم الدهقان البيع (٢)، فأخذها الوزير نظام الملك، وأنفذها (٣) مع المذكور، وكان قد ورد قبله إنسان من فارس يُعرف بأبي النضير الإسْتراباذي، وصادف في المسجد الحرام مواضع قد تهدَّمت، فأطلق ثلاثين ألف دينار أنفق بعضها [فيها]، وأخذَ الباقي ابنُ أبي هاشم، وأجرى الماء من عرفات إلى مكة في قني كانت عملتها زُبيدة غابت وخربت، ووجد البيت عُريانًا منذ سنين، فكساه ثيابًا بِيضًا من عمل الهند كانت معه لذلك، وفضض الميزاب وقال: لو علمتُ أني إذا عملتُه ذهبًا يسلم لَعَمِلتُه. وتصدَّق في الحرمين بمال جزيل، وأعطى فقراء مكة والمدينة جرايةً لمدة سنة. وقيل: كان ذلك من سلطان شاه بن قاروت بك المفلت من همَذان نذرًا لله أن يفعل ذلك في مقابلة سلامة نظره بعد الكحل (٤) وإفلاته من الحبس وسلامة أَخَوَيهِ من الكحل، وجعلت الكسوة التي جاءت من خراسان فوقها، وحمل السلارُ إلى ابن أبي هاشم المال المقرَّرَ له ولأصحابه على السلطان [فملأ قلبه وعينه]، وفرَّق في العبيد مالًا، وأخذ من الحاجّ الذين تبعوه دنانير دفعها إلى ابن أبي هاشم والعبيد تطيبةً لقلوبهم (٥)؛ لأن السلار أكرمهم وحملهم وأُلزِمَ كلفتَهم [ومؤنتهم].

وورد رسولان من مصر فقبَّحا على ابن أبي هاشم خطبته للخليفة والسلطان، فصادفاه وقد ملأ السلار عينَه وقلبَه مما حمل إليه [من خراسان]، فلم يلتفت إليهما [وأقصاهما].


(١) بعدها في (خ) و (م) زيادة كلمة غير واضحة، والظاهرة أنها مقحمة. فالخبر في النجوم الزاهرة ٥/ ٩٥ من دون تلك الكلمة.
(٢) في (م): المنبع، وهي ليست في النجوم الزاهرة.
(٣) في (م): وأهداها.
(٤) في (ب): الكفر.
(٥) العبارة في (م): بطيبةٍ من نفوسهم.