للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهوَّن عليه أمر أتْسِز والشام. قال: وقد جاءتنا من مصر وعودٌ بالأموال إذا كسرناه وأبعدناه عن الشام، فجاءه ابن قُتُلْمِش، فاجتمعا وسارا إلى طبرية، وأظهروا طاعة صاحب مصر، فسار إليهم أتْسِز من القدس، وخرجوا إليه، وساعدهم أهلُها واقتتلوا، فهزمهم أتْسِز، وقتل شكلي ولدَه صبرًا بين يديه، وأطلق أباه؛ لأنه كان شيخًا كبيرًا، ونهب طبرية، وقتل أهلها، وأسر ابنَ قتُلْمِش وأخًا له صغيرًا وابنَ عمه، وكان لابن قُتُلْمِش سبع سراري تركيات مثمنات، فقالت له إحداهنَّ وكانت حاملًا منه: تدعنا يفضحنا الأعداء؟ قال: فما أصنع؟ قالت: اقتلنا جميعًا. فقتلهنَّ.

وأسلم ولد شكلي، وجاء إلى عكَّا، فأغلق أهلُها الباب في وجهه وكاتبوا جوهر المدني خادم صاحب مصر وكان مقيمًا بصور، فقدم عليهم، فجاؤوا إليه وسلَّموا إليه البلد، وأعادوا الخطبة لصاحب مصر، ووصل إلى الشام في هذا الشهر ثلاثة آلاف من الغلمان من عسكر ملكشاه إلى أتْسِز كان كاتبهم، وورد -أيضًا- أخ لابن قتُلْمِش -كان في الروم- إلى حلب فحصرها، وكان محمود بن الزَّوقلية قد مات، وملَكَ ابنُه نصر بن محمود، فخرج إليه نصر بأحداث حلب فقاتله ودفعه وقال: أنا نائب السلطان، قد (١) كنتَ مطيعًا للسلطان فارحَلْ عنا. وأرضاه بمال، فرحل ونزل بأرض سلمية، وراسل أتْسِز في مضيِّ (٢) أخيه، فقال أتْسِز: قد راسلتُ السلطان بسببه، وأنا متوقعٌ الجواب، فإن رسم أنفذتُه إليه، وإن رسم شيئًا آخر كان. فقصد ابنُ قُتُلْمِش أنطاكية وكان في قلبه من أحداث حلب، حيث قاتلوه نهبوا أصحابه، وقتلوا منهم جماعة، وحصروا أنطاكية، وقرَّر عليهم عشرين ألف دينار في كل سنة؛ ليحمي سوادَها من الغارات، واتَّفق أنَّ طائفة من التركمان الذين جاؤوا طالبين أتْسِز نزلوا على حلب، وخرج إليهم عدد كثير من أهلها، فسار ابن قُتُلْمِش من باب أنطاكية إلى حلب، فأخذ القافلة، وقطع آنافهم، ونهبهم؛ تشفيًّا بأهل حلب، وقاتل من التركمان مَنْ قاتله، ورجع فأقام على باب أنطاكية للخفارة والحماية.


(١) في (ب): فإن.
(٢) في (ب): في معنى.