للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفعلوا كلَّ قبيح، وجاء الحلباشية إلى الديوان، وخرقوا الهيبة، وصالوا وجالوا،

وخاف الوزير، وقال: أنا أخرج إلى السلطان وأُبيِّن له كذبَ ما قيل عني، وأذكر سابقَ

خدمتي، وبالأمس بعث قاروت بك إلى القائم يبذل له ثلاث مئة ألف دينار ليولِّيه الأمر، فأشرتُ بأن لا يولِّيه خدمة السلطان، ويكون جزائي هذا التهديد، وكان مع سعد الدولة كتاب مختوم إلى الخليفة، وأظهر أن عزل الوزير فيه، فلمَّا فتح الكتاب لم يكن فيه عزله، وإنما كان فيه في بعض الفصول: أيها الوزير، إن أصحابنا العائدين من بغداد يذكرون اتِّفاقك لحوائجهم وإعراضهم، ويجب أن تزول هذه الطريق عن هذه الخلائق، وإلَّا كاتبنا الحضرة الإمامية بالكراهة لك، التي تقتضي الاستبدال بك، والتعويل على من يكون أصحابنا له شاكرين، ولأفعاله حامدين. فندم الوزير على ما بدر منه في معنى قاروت بك، وقال لسعد الدولة: لو أَعلمتَني أن الكتاب يشتمل على ما يتعلق بك لكنتُ جمعتُ من الناس أكثر مما جمعت، لكنَّك أساتَ التدبير [وفعلتَ ضدَّ الصواب. وطاب قلب الوزير] (١) وبعث بالكتاب إلى الخليفة، فطابَتْ نفسُه ونفوسُ الحاشية، ثم جاءت كتب السلطان بعد ذلك بالإفراج عن إقطاع الخليفة والحاشية.

وفي جمادى الأولى ورد رسول أتْسِز التركماني صاحب الشام ومعه ولد قُتُلْمِش المأسور وأخ له صغير، فتسلَّمهما سعد الدولة الكوهراني، وبعث بهما إلى السلطان، وفي هذا الوقت أخذ أتْسِز رَفنيَّة (٢)، ونهب أعمالها، وراسل نصر بن محمود صاحب حلب وقد طمع في شيء من أمواله وأموال أبيه التي خلَّفها، وطالبه بتزويج أخته، وتسليم البلاد، واستقرَّ الأمر على أن بعث له خمسة عشر ألف دينار، وعاد إلى حصار دمشق، فإنه ما زال مضايقًا لها، ونازل طرابلس وصور وأخذهما خفارةً، فكانت الخطبة المصرية بها لم تتغيَّر، والغُزُّ يدخلون إلى صور فيبيعون ويشترون ولا يقيمون فيها، وعلى هذا كانت الهدنة.

وفيها قُتِلَ محمود بن نصر صاحب حلب، وسنذكره إن شاء الله تعالى.


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) رفنية: مدينة من أعمال حمص، وقال قوم: هي بلدة عند طرابلس من سواحل الشام. معجم البلدان ٣/ ٥٥.