وفيها وردت الأخبار بأن بدرًا أميرَ الجيوش بمصر لبس الدُّرَّاعة (١) التي برسم الوزارة، حتى لا يترتَّب في الوزارة مَنْ يُفسد عليه الأمور، وخرج إلى الصعيد لقتال السودان واستعادته منهم، فإنهم كانوا قد استولوا عليه.
وفيها ظفر القاضي جلال الملك بن عمار بكتب من بدر الجمالي إلى جماعة من وجوه طرابلس تدني عن موافقة تجري بينهما في القبض على جلال الملك، وتسليم البلد إلى مَنْ بيديه القبض عليه، فقبض عليهم، وصادرهم، وقَتَل منهم، ونَفَى الباقين.
وفي يوم الأربعاء ثامن عشر شوال خلع الخليفةُ على عميد الدولة بن فخر الدولة الخِلَع السنيَّة، وفوَّض إليه الأمور، وكتب له التوقيع، وكانت الجُبَّةُ سقلاطون، وفَرَجيةَ ديباجٍ نسيج بالذهب، وحُمِلَ على فرس بمركب ذهب، بعد أن استدعاه ووالده وخاطبهما بما طيَّب به نفوسهما، وفوَّض إلى عميد الدولة أَزِمَّةَ التدبير، وخرج معهما توقيع الخليفة إلى بيت النُّوبة، وقُرئ بحضرة الأعيان، وكان من إنشاء أبي سعد بن الموصلايا النصراني، وفيه بعد البسملة: إن أمير المؤمنين إذا تصفَّح مواقف خلصاء دولته وأصفيائها المُبرِّزين في المقاصد التي عند الجمال في مطاويها وأبياتها، وجد أوفاها في الكمال زيدًا، وأكسبَها في الزمان ثناءً وحمدًا، ما اختصَّ به مؤيد الدولة بن فخر الدولة شرف الوزراء أبو نصر صفي أمير المؤمنين من المقامات التي غَبَرَ فيها على من مضى، وأحرز ألقابًا تتنافس فيه من كرم الرضا، وأحلَّته من أمير المؤمين بالمنزلة التي لا يدانيه نظيرٌ في جلالها، ولا طمع أحدٌ قبله في أمثالها، وحين تَفَردتَ بالآثار التي أصبحَتْ غُررًا في الدهر لامعة، وأحلامًا لأقسام الفخار حاويةً جامعة، والمساعي التي أوجبت بها على الدولة الحقَّ الذي لا يُنكر، وأوجدت منها الطرق إلى التي اعتمادِك بالمكرمات التي يبقى شرفُها على الأَيّامِ ويُذْكَر، فأدناك من مقرِّ سُدَّته، وناجاك من مزايا الإكرام بما لا يبلغ مداك من خدمته، وذكر كلامًا طويلًا.
وفيها عزم السلطان على أن يُنفذ أخاه تاج الدولة تُتُش إلى الشام، وكان نظام الملك لا يؤثر ذلك، وبلغ أتْسِز الخُوارَزمي صاحب الشام، فكتب إلى السلطان: أنا الخادم الطائع النائب في هذه الأعمال التي أفتَتِحُها بنفسي من غير أن أُكلِّفه فيها مؤونةً، ولا