للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العبيد، فضمِن له مئةً وخمسين ألف دينار، واستدعى من كان بالصعيد] (١) من العساكر والسودان، وكان مع أتْسِز بدر بن حازم الكلبي في ألفي فارس، فاستماله بدر، فانتقل إلى القاهرة، وورد القاهرةَ ثلاثةُ آلاف رجل في المراكب بنيَّة الحج، فقال لهم بدر: دَفْعُ هذا العدو أفضلُ من الحج. وأعطاهم المال والسلاح، وقالوا لوالد شكلي التركماني الهارب من أتْسِز: كاتِبِ التركمان. فكاتبهم، وأفسد منهم نحوًا من سبع مئة غلام، وكانوا كارهين لأتْسِزْ من شُحّه وعسفه، واتفقوا أن الحرب متى قامت استأمنوا إلى بدر، وسار أتْسِز إلى القاهرة في أواخر جمادى الآخرة، فأرسل بدرٌ ألفي فارس يصدمونه حتى يستأمن مَنْ أفسدهم أبو شكلي، فلم يستأمن أحدًا، وكسرهم أتْسِز، فرجعوا مفلولين إلى القاهرة، وكان قد التجأ إليها أهل الضياع والأصقاع ومصر والتجار، فوقفوا على باب القصر باكين صارخين، فخرج من [عند] (٢) المستنصر خادمٌ فقال: يقول لكم أمير المؤمنين: إنما أنا واحدٌ منكم، وعِوَضُ ما تتضرعون على بابي وتبكون، فارجعوا إلى الله تعالى وتضرَّعوا له، ولازموا المساجد والجوامع، وصوموا، وصلُّوا، وأزيلوا الخمور والمنكرات، فلعلَّ الله أن يرحمني وإيَّاكم، ويكشفَ عنَّا ما قد نزل بنا. فعاد الناس إلى المساجد [من الجوامع، وخرج النساء كاشفات الوجوه، منثورات الشعور] (٣) يبكينَ وششغِثْنَ، والرجال يقرؤون القرآن، وكان بدر الجمالي قد هيَّأ المراكب والسُّفن؛ إن رأى غلبةً نزل منها الإسكندرية، وكذا صاحب مصر، فضجَّ الناسُ، وقصدوا باب القصر، وقالوا: تمضي أنت وبدر في السفن ونهلِكُ نحن؟! فخرج الجواب: إني معكم مقيمٌ، فإن مضى أمير الجيوش إلى حيث يطلب السلامة فهاهنا من السفن ما يعمُّكم، مع أنني واثق من الله بالنصر، وعندنا في الكتب السالفة أنَّ هذه الأرض لا تؤتى من الشرق، ومن قصدها هلك، فلمَّا كان وقت السحر خرج بدرٌ إلى ظاهر القاهرة والعسكر معه، وأقبل أتْسِز في جحافله، والدبادب والبوقات بين يديه، فرأى بدرٌ ما لم يظنَّ له به طاقة، وكان بدر قد أقامَ بدرَ


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) ما بين حاصرتين زيادة يقتضيها السياق.
(٣) ما بين حاصرتين من (ب).