للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجل -يقال له: عبد الله بن علي الغنوي- عدوًا للقرامطة، فأخذ أرتق ولده معه رهينة، ورتَّب معه مئتي فارس من التركمان، وأقام على حصار الأحساء، وكان للغنوي في تلك الأرض حصن يُعرَفُ بالمحصنة، وهو من بناء أبي البهلول المتغلب على جزيرة أُوال، والحصن قريب من الجرعاء، وقلَّتِ الغلال بها، ولا يعرف أهلها القوت إلا من التمر والسمك، ويُطعمون بهائمهم ذلك، والحنطةُ متعذِّرةٌ عندهم، فاشتدَّ الغلاء، وبلغ الرطل السمك الجرعاني مئتي درهم رصاصًا، ومعاملتهم بالرصاص، يبلغ الدينار إلى ثمانية عشر ألف درهم وإلى عشرين ألفًا بدينار، وعاد باقي التركمان إلى البلاد.

وفي رجب أغار خطلج أدران (١) على بني خفاجة، كانوا على واد السباك بالحجاز، ومعهم غَزْنة وزبيد، فخرج خطلج من الكوفة وصَحِبه جماعةٌ من التركمان طمعًا في النهب، فقال لهم: [المال لكم، والنساء لي، لا تتعرَّضوا للحريم. فقالوا] (٢): نعم، وساروا في البرية ثلاثة أيام، فصبّحهم وقتَ السحر، ودقَّ الطبول، وضُربت البوقات، فركبوا خيولهم وانهزموا، وجاء هو إلى الحلل، فأسبل أثواب البيوت، وحمى مَنْ فيها من النساء وما عندهنَّ من الأموال، ونهب التركمانُ الجمال والغنم، ولم يُمكن أحدًا من رفع سجاف عن امرأة، وكان عدد الجمال خمسة آلاف جمل، وأما الغنم فلا تُحصى، غير أنها لم تتبعهم؛ لضعفها، ورجع بطلب الكوفة، فرأى مع أصحابه من الإماء ثلاثًا، فأنكر عليهنَّ، فقالوا: هؤلاء سألْنَنا أن نأخذهنَّ لنخلصهنَّ من خدمة (٣) العرب، فقلن: نعم، فقال: لا، وردُّوهن إلى العرب.

وفي رجب عاد أتْسِز الخُوارَزمي إلى دمشق منهزمًا من القاهرة في خمسة عشر فارسًا، وقد نُهبت أموالُه، وقُتلت رجالُه، وكان لمَّا تسلَّم دمشق تصوَّر في عزمه قصدَ مصر، فجمع من التركمان والأكراد والعرب عشرين ألفًا، ووصل إلى الريف، وأقام نيِّفًا وخمسين يومًا يجمع الأموال، ويسبي الحريم، ويذبح الأطفال، وهو يراسل بدرًا الجمالي، ويطلب المال، وقد انزعج الناس، وكان عسكرُ مصر بالصعيد [يحارب


(١) كلمة: أدران، ليست في (ب).
(٢) ما بين حاصرتين من (ب).
(٣) في (ب): من أيدي.