للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي صفر وصل الحاجُّ سالمين مع خُمارتِكين الحسباني، وذكروا حُسْنَ سيرته.

وفي يوم الاثنين منتصف ربيع الأوَّل كانت وقعةٌ عظيمةٌ على باب آمد بين فخر الدولة ابن جَهير ومسلم بن قريش.

ذكر السبب:

كان ابن جَهير قد سار إلى ديار بكر لفتحها، فبلغه أن مسلم على قصده، [ومنعه] (١)، فكتب إلى السلطان يلتمس منه عسكر الدفعة، فتقدم إلى ارْتُق بك يجمع التركمان والعرب من فخر الدولة، ففعل، وسار مسلم إلى ابن جَهير، فأرسل إلى أُرتُق بك، فجاءه بجمع كبير من التركمان، ووقعت المراسلة، وكلٌّ أشار على مسلم بالرجوع إلى أعماله، فقال: ترجعون مرحلةً إلى ورائكم وأرجع أنا؛ لئلا يُقال: إنَّني منهزمًا عدتُ، فامتنع أُرْتُق بك وقال: أنا لا أردُّ رايات السلطان على عقبها. وعرف التركمان ما يجري فقالوا: نحن جئنا من البلاد البعيدة لطلب النهب، وهؤلاء يسارعون في الصلح؟!.

وركبوا نصف الليل من غير إعلامٍ لأُرْتُق بك، وأشرفوا يوم الجمعة على العرب، وكانوا أضعاف العرب، فأخذوهم باليد من غير طعن ولا ضرب، واحتاطوا بهم، ولم يكن لمسلم سبيلٌ إلى الهرب، فطلب صوب (٢) آمِد، وتبعه ابنُ مروان وجماعةٌ من أصحابهما فدخلوا آمد، وبقوا يومَهم وليلتَهم لم يَطْعَموا طعامًا، ولا شربوا شرابًا، وكذا خيلُهم، وأشرف ابنُ جَهير وأُرْتُق على القوم ضاحي النهار وقد استولى التركمان على الحِلل والأموال والمواشي، وكان ممَّا [لا يُحصى و] (٣) لا يُحَدُّ ولا يُحصر، وأخذوا النساء وفضحوهنَّ، وربطوا أمراء بني عقيل بالحبال، وباعوهم بالقراريط، وأشعل التركمانُ عشرةَ آلاف رمح تحت القدور، وجرى على العرب ما لم يجرِ عليهم قبلُ، وسبَوا نساءهم، وبلغ الفرسُ الجيِّدُ دينارًا، وكذا الجملُ والرأسُ الغنمِ نصفَ قيراط، والعبيدُ والإماءُ من دينار إلى دينارين، وما سوى ذلك فما اشتُري ولا بِيع،


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) في (خ): صواب، والمثبت من (ب).
(٣) ما بين حاصرتين من (ب).