للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُقبِّل (١) الأرض، وكانوا أربعين أميرًا، والسلطان جالس على كرسيٍّ بين يدي الخليفة، وجاء أمير يقال له: آيْتِكين خال السلطان، فاستقبل القبلة، وصلَّى بإزاء الخليفة ركعتين، واستلم بيديه الحيطان، وأمر الخليفةُ بإفاضة الخِلَع على السلطان، فقام إلى المكان الذي فيه الخِلَع، فخلع عليه، ورجع وقد أثقله التاج والطوقُ والسِّواران، وقلَّده سيفين، وكُمُشْتِكينَ الجندار يرفع ذيله عن يمينه، والكوهراني يرفعه عن شماله، وجاء إلى بين يدي السُّدَّة وبينه وبين الخليفة الشباك، فقبَّلَ الأرض دفعات، وسأل الخليفةَ أن يُقبِّلَ يدَه فلم يفعل، وأعطاه خاتمه، فقبَّله ووضعه على عينيه، وقال له أبو شجاع الوزير: يا جلال الدولة، هذا سيدنا ومولانا أمير المؤمنين، الذي اصطفاه الله بعزِّ الإمامة، واسترعاه الأمة، فقد أوقع الوديعة عندك موقعها، وقلدك سيفين لتكون قويًّا عَلى أعدائك وأعداء الله تعالى، وخرج وبين يديه ثلاثةُ ألوية، ونثرت الدراهم والدنانير، وقُرئ صدرٌ من عهده، وقُرئ الباقي في داره من الغد، وجلس للهناء، وبعث الخليفة بالأموال والهدايا.

وفيه دخل نظامُ الملك مدرسته ولم يكن رآها، فجلس بها، وأملى الحديث، وسمع عليه، وسأل عن العلماء ببغداد، فلم يبقَ مَنْ يُشار إليه، وفرَّق الخِلَع والمال في الفقهاء وأحسن إليهم.

وفي مستهلِّ صفر زُفَّت ابنةُ السلطان إلى الخليفة، وأمر بضرب القباب وتزيين البلد من الجانبين، ونُقل الجهازُ على مئة وثلاثين جملًا، وبين يديه العساكر والخدم، ونثر النَّاس عليه الدراهم والدنانير، فلمَّا كان من الغد نُقِل شيءٌ آخر على أربعة وسبعين بغلًا، وكانت الخزانة اثني عشر صندوقًا من فضة، وبين يديها ثلاثون فرسًا جنائب، ونُقلت خاتون في الليل في محَفَّة مُرصَّعة بالجواهر، وقد أحاط بها مئتا جارية من خواصِّها وبين يديها نظام الملك وأبو سعد المستوفي والأمراء، وبِيَد كلِّ واحد منهم شمعة، فدخلت دار الخليفة.


(١) في (ب): والأمراء يقبِّلون.