للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر مقتله:

واختلفوا فِي السبب على أقوال:

أحدها: أنَّه طال عمره فخدم ألب أرسلان وملك شاه تسعًا وعشرين سنة، أخرج أموالًا عظيمة، وكثر عليه أعداؤه عند ملك شاه. فوضع عليه من قتله.

والثاني: أنَّ ملك شاه بعث بعض مماليكه إِلَى مرو واليًا، وكان بها ابنُ نظام الملك مقيمًا، فعسف المملوك النَّاسَ وظلم، فقبض عليه ابنُ نظام الملك، فسُئِلَ فيه فأطلقه، فجاء إِلَى ملك شاه واستغاث بين يديه وبكى، وقال: ما فعلَ هذا إلَّا بك. فغضب ملك شاه، واستدعى أرباب دولته وقال لهم: امضوا إِلَى خواجة حسن وقولوا له: إن كنتَ شريكي فِي ملكي فلذلك حُكم، وإن كنتَ تابعي (١) فيجب أن تلزم حدَّك، وهؤلاء أولادُك قد استولَوا على الدنيا، ولا يُقنعهم ذلك حتَّى يخرقوا الحرمة (٢). فجاؤوا إليه وأبلغوه كلامه، فقال: قولوا له: ما علِمَ أنني شريكُه فِي الملك إِلَى اليوم؟! وهل بلغ ما بلغ إلَّا بتدبيري؟ أو ما يذكر لمَّا قُتِلَ أبوه كيف جمعتُ النَّاس عليه وكان قد تطاول إِلَى هذا الأمر إخوتُه وعمُّه فأبعدتهم وقرَّرتُ الملك فيه، وعبرتُ النهر، وفتحتُ البلاد، وحكمتُ على الدنيا، وجعلتُ ملوكها طوعًا له؟ وبعد هذا فقولوا له: إن ثبات قَلنسوةٍ على رأسه معذوق (٣) بفتح هذه الدَّواة، ومتى أُطبقَتْ هذه زالتْ تلك. فعادوا إليه وأخبروه بما قال، فخاف، واتَّفق مع تاج الملك على التدبير عليه، وأن يُفوِّض الأمر إِلَى تاج الملك أبي الغنائم.

والثالث: أن ملك شاه [كان] (٤) قد عزم على تشعيث الأمر على الخليفة، وأن يقيم خليفةً على حكم إرادته، وأطلع النظام على ذلك، فسفَّه رأيَه وقال: الله الله، لا يجوز ذلك شرعًا ولا عقلًا. فاطَّلع تاج الملك رأيَه (٥)، فصوَّب رأيه وقال: اقتل النظام لتستريح منه.


(١) فِي (خ) و (ب): متعالي، وفي الكامل ١٠/ ٢٠٥: نائبي، والمثبت من المنتظم ١٦/ ٣٠٥، وبغية الطلب ٥/ ٢٤٩٥.
(٢) فِي المنتظم: حتَّى يخرجوا من الحرمة.
(٣) معذوق: مُعلَّق.
(٤) ما بين حاصرتين من (ب).
(٥) العبارة فِي (خ): فاطَّلع ملك شاه تاج الدولة، والمثبت من (ب).