للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتب على أبوابها اسم ملك شاه، فعاتبه [عليه] (١) وقال: ضيَّعتَ الأموال في هذه الأشياء (٢)؟ فقال له: يَا ملك، لمَّا أقمتُ لكَ [العساكر تقاتل بين يديك، والأعداء بالنهار، أقمتُ لك] جندًا فِي الليل يصفُّون أقدامهم ويدعون لك وأنت نائم، وبعد هذا فانظُرْ فِي المال الذي غرمته فِي هذه الوجوه فأنا أحمله لك، وأمحو اسمك من أبوابها، وأكتب اسمي، ليبقى لي ذِكْرُها وأجرُها. فقال ملك شاه: لا واللهِ ما أريد أن أمحو اسمي من أماكن البر والصلة، وجزاك اللهُ خيرًا فيما فعلتَ.

وعبر جَيحون، فأطلق للملَّاحين عشرة آلاف دينار على عامل (٣) أنطاكية، وشكى إليه الفرَّاشون وهو بما وراء النهر تأخيرَ جامكياتهم (٤)، فوقَّع لهم على مال الهدنة إِلَى القسطنطينية، فقيل له: بالأمس تُطلِقُ على أنطاكية واليوم على القسطنطينية؟ فقال: قصدتُ إظهار هيبة الملك الذي أنا فِي خدمته فِي الدنيا وأنَّ أحدًا من الملوك ما وصل إِلَى هذا، وملَكَ من الغلمان ألوفًا، ومن المال ما لا يُحصى، ومع هذا فكان يتمنى الانقطاع إِلَى الله تعالى، ويقول: أتمنَّى أن تكون لي قريةٌ ومسجدٌ أتخلَّى فيه بطاعة ربي. ثم قال بعد ذلك: تمنَّيتُ قطعةً من الأرض أتقوَّتُ بها [وأتخلَّى فِي مسجد. ثم قال بعد ذلك: أتمنَّى أن يكون لي رغيفٌ كلَّ يوم وأتعبَّد فِي مسجد].

وقال: رأيتُ إبليس فِي المنام، فقلتُ له: ويلَكَ، خلقك الله ثم أمركَ بسجدةٍ فلم تفعل، وأنا حسنٌ أمرني اللهُ بالسجود، فأنا أسجد له كلَّ يوم سجدات. فقال: [من مخلع البسيط]

مَنْ لم يكُن للوصال أهلًا … فكلُّ إحسانِهِ ذنوبُ

وقال التَّمِيمِيّ: كان قد وظف على الهند والروم والترك وظائف فِي كل سنة، فكان يطلق فِي بلاد ساقون والصين وما وراء القسطنطينية جامكيات الفراشين والغلمان، وهذا شيء ما جرى لغيره.


(١) ما بين حاصرتين وفي الموضع الآتي من (ب).
(٢) فِي (ب): الوجوه.
(٣) فِي (ب): عمل.
(٤) فِي (ب): جوامكهم. والجامكيات: الأُعطيات والمرتبات الشهرية أو السنوية.