لكني قلت: يَا إلهي، إن كان أخي أصلحَ للمسلمين مني فظفِّرْه بي، وإن كنتُ أصلحَ منه فظفِّرْني به.
وركب يومًا للصيد، فلقيه سواديٌّ يبكي، فوقف وقال: ما لك؟ فظنَّه بعضَ الأمراء، فقال: كان معي حمل بطيخ هو بضاعتي، فدخلتُ إِلَى هذا العسكر لأبيعه، فالتقاني ثلاثةٌ من الغلمان، فأخذوه. فقال له: امضِ إِلَى العسكر، فهناك خيمةٌ حمراءُ فاقعُدْ عندها حتَّى أرجع وأُعطيك ما يغنيك. فمضى الرَّجل، وقعد عند الخيمة، وعاد السلطان، فقال للشرابي: قد اشتهيتُ بطيخًا. ففتَّش خِيَمَ العسكر، فمضى وعاد وأحضر البطيخ فقال: وأين كان هذا؟ قال: فِي خيمة فلان الحاجب. فقال: أحضِرْه. فحضر فقال: من أين لك هذا البطيخ؟ قال: جابه الغلمان. قال: أريدهم الساعة. فمضى وقد أحسَّ الغلمان بالشر، فهربوا، فعاد الحاجب وقال: هربوا لمَّا علموا أن السلطان يطلبهم، فقال: أحضروا السواديَّ. فحضر فقال: هذا بطيخك؟ قال: نعم. قال: خذه، وهذا الحاجب مملوك أبي ومملوكي، وقد سلَّمتُه إليك، ووهبتُه لك، وواللهِ لئِنْ تركتَه لأضربنَّ عنُقَك، وقد هرب الغلمان وتعيَّنَ هو. فأخذ السواديُّ بيده وأخرجه، فاشترى نفسه منه بثلاث مئة دينار، وعاد السواديُّ إِلَى السلطان، فقال: قد بعتُ المملوكَ الذي وهبتَه لي بثلاث مئة دينار. فقال: ورضيت؟ قال: نعم. قال: اقبِضْها وامْضِ مُصاحَبًا.
ولقي مرةً تُجَّارًا على عقبة ضيقة، ومعهم بغال عليها أثقال وأحمال (١)، فأراد أصحابُه يُنحُّون البغال إِلَى جانب الجَبَل، فنهاهم وقال: نحن يمكننا أن نصعد إِلَى الجبل، وهذه بغال مُحَمَّلة وعليها أثقال، وفي ترقيتها إِلَى الجبل خطر. فتنحَّى إِلَى الجبل ووقف حتَّى مضت البغال وساق.
ولقي امرأةً تمشي فقال لها: إِلَى أين؟ فقالت: إِلَى الحج. فأخرج ما كان فِي خريطته من الدنانير، فطرحه إليها فِي إزارها وقال: اكتري بهذه، وأنفقيها عليكِ.