للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُدبِّره على ما تقتضيه قضايا العقول.

فصاروا إلى كيومرت وقالوا: أنت أفضلُنا وأشرفُنا، وبقية أبينا آدم، ولا بدَّ لنا من تقديمك علينا، وتفويض أمورنا إليك. فأخذ عليهم العهود والمواثيق على السمع والطاعة وتَرْكِ الخلاف عليه، فوضعوا التاجَ على رأسه، وهو أولُ مَن لبسه من ملوك الدنيا.

ثم خطب بالسُّريانيّة -وهو أول مَن خطب- فقال كلامًا معناه بالعربية: نحمد الله على نعمه (١)، ونشكُره على أياديه، ونرغب إليه في مزيده، فإن بالشكر تدوم النعم، ونسأله المعونة على ما دفعنا إليه، وحسن الهدايةِ إلى العقل (٢) الذي يجمع الشَّمل ويُصفّي العَيْشَ. وذكر كلاماً طويلاً.

وهو أول مَن أمر بالسكون على الطعام لتأخُذَ الطبيعة بقِسْطها منه، فيَصلُح البدنُ بما يَرِدُ إليه من الغِذاء، وتسكن النفس عند ذلك.

وقد اختلفوا فيه اختلافًا كثيرًا، فالفُرس تَزعُم أنه أول النَّسْل، وأنه عاش ألف سنة. ومنهم مَن يقول: إنه من نبات الأرض من الرِّيباس، وليس له أبٌ، وأنه حارب إبليس فقتله.

ومنهم مَن يقول: هو جابر (٣) بن يافث بن نوح، وكان ينزل جبل دُنْباوَنْد من بلاد طَبَرِسْتان، ثم عَظُم أمره، وكَثُر ولده، وملك الأقاليم كلها، وبنى المدن والحصون، واتَّخذ الخيول والسلاح، وتسمَّى بآدم، وقال: مَن سمَّاني بغيره قتلتُه، وتزوج ثلاثين امرأةً.

وهو أبو الفُرسِ كلِّهم، وأما غير الفُرْس فإنهم يقولون: أقام ملكًا أربعين سنة، ومات (٤).


(١) في (ك): إنعامه.
(٢) في (ب) و (خ): الفعل، والمثبت من (ك) ومروج الذهب ٢/ ١٠٨.
(٣) كذا في النسخ، وفي تاريخ الطبري ١/ ١٤٧: جامر، وفي نسخة منه، والمنتظم ١/ ٢١٨، والكامل لابن الأثير ١/ ٤٦: حام.
(٤) مروج الذهب ٢/ ١١٠.