للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودخَلَها؛ لأنَّه كان في قُلٍّ (١) من عسكره، وباقيه في بلاد الرُّوم لإنجاد صاحبِ القُسْطَنطينِيَّة على الفرنج.

وجاء جاولي إلى نَصِيبين، والتقتِ الطَّلائعُ، فَظَفِرَ قومٌ من أصحاب [قليج بقوم من أصحاب] (٢) جاولي، فقتلوا بعضًا، وأسروا بعضًا، فسار جاولي إلى الخابور، وقد عَلِمَ أنَّ قليج رسلان قد بَعَثَ يَطْلُبُ عسكرَه، فجاء إلى الرَّحْبة، ونَزَلَ عليها، وبها نائِبُ دُقاق، وعنده أرتاش (٣) الهارب من طُغْتِكِين، وَوَصَلَ إيل غازي بن أُرْتُق في جماعةٍ من التُّرْكمان، وجاءه رِضوان صاحبُ حلب، فأقام جاولي على الرَّحْبة من أوَّلِ رجب إلى الثَّاني والعشرين من شهر رمضان، فافتتحها عَنْوَةً بمواطأةٍ مِنْ بعضِ أهلها، ونهبوا البَلَد، واستخرجوا الذَّخائر، فأمَّنَ جاولي النَّاسَ، وتسلَّمَ القلعةَ وأرتاش في قبضته.

وكان محمَّد والي الرَّحْبة قد بَعَثَ يستصرخ بقليج رسلان، فجاء لينجده وقد فُتحت، فنَزَلَ على الشَّمْسَانية (٤)، وقبَضَ جاولي على محمدٍ وحَبَسَه، ورَحَلَ، فنزل ماكِسِين (٥) يريد المَوْصِل ومعه إيل غازي ورِضْوان، وقصدوا عسكرَ قليج، والتقى الفريقان يوم الخميس تاسع شَوَّال، وكان الزَّمانُ صَيفًا، فاشتدَّ الحَرُّ، وماتَ أكثرُ خَيلِ الفريقين عَطَشًا، فحمل عسكرُ قليج على عسكر جاولي، وقصَدَ جاولي قليج رسلان، وضربه بالسَّيف عدة ضربات، فلم تؤثِّر فيه، وانهزم عسكر قليج، وفَصَلَ عنه وقت الحرب صاحِبُ آمِد وصاحب مَيَّافارِقِين، ووقعَ السَّيفُ في أصحابه، فانهزمَ قليج، فَسَقَطَ في الخابور، فَغَرِقَ، ووُجِدَ بعد أيَّامٍ ميتًا.

وعاد جاولي إلى المَوْصِل ورِضْوان إلى حلب خوفًا من جاولي، وأما أصحابُ قليج الذين سَيَّرهم لإنجاد صاحب القُسطنطينية، فَنُصروا على الفرنج ونهبوهم، ووصلوا إلى أماكنهم بعد أن خَلَعَ عليهم ملكُ الرُّوم، وأحسَنَ إليهم.


(١) أي قلة. "اللسان" (قلل).
(٢) ما بين حاصرتين من (ب).
(٣) أرتاش هو ابن تاج الدولة تُتُش أخو دقاق، وقد هرب من دمشق بعد وفاة أخيه دقاق ملك دمشق، انظر "ذيل تاريخ دمشق" لابن القلاني: ٢٣٤ - ٢٣٥.
(٤) بليدة بالخابور. "معجم البلدان" ٣/ ٣٦٢.
(٥) بلد بالخابور قريب من رحبة مالك بن طرق. "معجم البلدان": ٥/ ٤٣.