للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما وصل جاولي إلى المَوْصِل وَجَدَ ولدَ قليج رسلان قد دَخَلَها، فحاصرها، فسَلَّموها إليه بالأمان، فقَبَضَ على ولد قليج، وسَيَّره إلى السُّلْطان محمَّد، فلم يَزَلْ مقيمًا عنده إلى سنة ثلاثٍ وخمس مئة، فهرب وعاد إلى مملكة أبيه ببلاد الرُّوم.

وقيل: إنَّه لما وَصَلَ إليها عَمِلَ على ابنِ عمه، فقتله، واستقام له أمرُ المملكة (١).

وقال صاحبُ "تاريخ مَيَّافارِقين" (٢): إنَّ السُّلْطان محمَّد بَعَثَ جاولي لحرب الفرنج، وكَتَبَ إلى أمراء البلاد بطاعته، فلما وَصَلَ المَوْصِل أَنِفَ جكرمش أنْ يتأمَّرَ عليه جاولي، فحاربه، فهزمه جاولي، فدخل المَوْصِل مجروحًا، فأقام يومين، ومات، واستنجد ولده بقليج رسلان -وقيل: اسمه إبراهيم بن سُكْمان-[و] (٣) صاحبِ آمِد، وسار جاولي إلى حلب لينجد رِضوان على الفرنج، وجاء قليج فدخل إلى المَوْصِل، واستولى عليها، وخَطَبَ لنفسه بعد الخليفة، وأسقط خُطبة السُّلْطان محمَّد شاه، وبلغَ جاولي وهو على حلب، فعادَ إلى المَوْصِل، فخرج إليه قليج، فاقتتلا قتالًا شديدًا، وأُحيط بقليج وباصحابه، فألقى نَفسَه في الماء، فَغَرِقَ، ودَخَلَ جاولي المَوْصِل، وكان بها مسعود بن قليج رسلان، وهو صبيٌّ صغير، فَقَبَضَ عليه، وبَعَثَ به إلى السُّلْطان، فاعتقله مُدَّة، ثم أُفلت، فأتى مَلَطْية وبها بعضُ مماليكِ أبيه، فأطاعه، وتقرَّرَتْ له المملكة ببلاد الرُّوم، فمسعود هذا جَدُّ ملوك الرُّوم.

وقيل: إنَّ قليج رسلان اسمه إبراهيم بن سُكْمان بن سُلَيمان بن قُتُلْمِش، وقيل: إنَّهم من أولاد الدَّانْشَمَنْد، والأول أصح (٤).


(١) انظر "ذيل تاريخ دمشق" لابن القلانسي: ٢٥٠ - ٢٥٤.
(٢) ثمة كتاب مطبوع عن تاريخ ميافارقين لأحمد بن يوسف بن علي بن الأزرق الفارقي، لا تتفق أخباره مع ما يحيل عليه سبط ابن الجوزي من "تاريخ ميافارقين"، ويبدو أن المؤلف قد كتب كتابه غير مرة، مما جعل نسخه يختلف بعضها عن بعض زيادة ونقصًا، والله أعلم.
(٣) ما بين حاصرتين زيادة من عندنا يقتضيها السياق، لأن صاحب آمد حينئذ هو إبراهيم بن ينال، وكان في جملة عسكر قليج رسلان، انظر "تاريخ الفارقي": ١٠٦، و"الكامل": ١٠/ ٤٢٧.
(٤) وهم سبط ابن الجوزي في ذلك، فقد قيل: إن اسم قليج رسلان هو داود فيما ذكر زامباور في "معجم =