للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتحالفا، وعاد إيل غازي إلى مارِدين، ونزل في طريقه الرَّسْتن (١)، وقعد يشرب، وباتَ على حاله، وبلغ ابن قراجا، فسار إليه في اللَّيل، وكَبَسَه وقتَ السَّحَر وهو نائمٌ سكران، فأطلعه إلى قلعة حمص هو وولدَه، وكتَبَ إلى السُّلْطان محمَّد يخبره، وأرسل مسعود بن السُّلْطان من الرَّقَّة يَطْلُبه.

وكان البُرْسُقي ومسعود قد نزلا الرَّقَّة ينتظران العساكر [فقال ابن قراجا: قد كاتبتُ فيه السُّلْطان] (٢) وأنا منتظرٌ جوابَهُ. وأبطأ الجوابُ عليه، فأرسل طُغْتِكين يتوعَّده، فأطلقه، وأخذَ ابنه رهينةً، وعاد إيل غازي إلى مارِدِين، وعَبَرَ البُرْسُقي الفُرَات، ونزل على حلب، فنزل إليه لؤلؤ، وساروا بالعساكر إلى أنطاكية، فخرج إليهم طنكري في عددٍ يسير، فتأخروا إلى سَرْمِين، فتبعهم طنكري، والتقوا، وكان ابن قراجا قد أعطى ولد إيل غازي للبُرْسُقي، فَوَكَلَ به جماعةً، واشتغل بالقتال مع الفرنج، فكسره طنكري وهزمه، وقتَلَ طنكري ابنَ إيل غازي، وبلغ السُّلْطان، فقال: قد علمتُ أنَّ مصافًّا فيه البُرْسُقي لا يُفْلح. ورَدَّه إلى هَمَذَان.

وقيل: إنَّ السُّلْطان جَهَّز البُرْسُقي وابنَه منكلي صاحب همذان وأخاه زَنْكي، ودَفَعَ ولدَه مسعود إلى البُرْسُقي، وقال له: اقْصِدْ صاحبَ مارِدِين، ثُمَّ طُغْتِكِين. وجَهَّزَ معه أعيانَ الأمراءِ، فسارَ في عشرة آلاف، فعيَّدوا عيد الأضحى على الرَّقَّة، وعبروا الفرات، وخلَّفوا إيل غازي وراءهم، وقالوا: إذا فَرَغنا من الشَّام رَجَعْنا إليه. فنزلوا الناعورة على فرسخين مِنْ حلب، وراسلوا لؤلؤًا، وطلبوا منه تسليم حلب، فقال: أمهلوني أيامًا. ولمَّا قَطَعوا الفرات من بالِس، جاء إيل غازي فَقَطعها من النهر، ووصل دمشق، واتَّفق مع طُغْتِكِين، وساروا في ألفي فارس للقاء البُرْسُقي، فراسل منكلي بنُ البُرْسُقي طُغْتِكِين، وقبَّحَ عليه مخالفةَ السُّلْطان، وأشار عليه أن يكون مع الجماعة، فوعدهم بذلك، وساروا عن حلب إلى حماة، وبها ثَقَلُ طُغْتِكِين، فنهبوه.

وكان السُّلْطان قد وصَّاهم كما فتحوا بلدًا سلَّموه خيرخان بن قراجا، وكان بقلعة حماة نصر ولودان شاه ابنا علي الكُرْدي في طاعة طُغْتِكِين، فلم ينزلا إليهم، واستأذنهم


(١) الرستن: بلدة تقع شمالي مدينة حمص، وتبعد عنها ٢٠ كم.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب).