للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خيرخان في المضي إلى حِمْص ليقيم لهم الضِّيافة، وسلَّم إليهم [ابن] (١) إيل غازي، وكان إيل غازي قد اتفق مع طنكري ومع طُغْتِكين ومع صاحب طرابُلُس وملوكِ الفرنج على قتال أصحابِ السُّلْطان، واجتمع الكُلُّ على فامية، ونَزَلَ طُغْتِكين وإيل غازي في جبالها، والفرنج ناحية عنهم، فأقاموا شهرين وبينهم وبين عسكر السُّلْطان ثلاثة فراسخ، فضجروا، وعاد طُغْتِكين إلى دمشق خوفًا عليها، وعاد إيل غازي إلى مارِدِين، وعاد عسكر حلب إلى حلب.

وضَجِرَ عسكر السلطان، فرحلوا إلى كَفْرطاب، وكانت الفرنج [فيها] (٢)، فقتلوا فيها ثلاثة آلاف، ثم وقع التخاذل، وقالوا: أيّ فائدة لنا كوننا كلَّما فتحنا بلدًا سلَّمناه إلى خيرخان فتفرَّقوا، ورحل بعضُهم إلى بُزاعة، وبعضهم قطع الفرات، وسار مُعْظَمُهم إلى حلب، وطنكري مقيمٌ بجبال فامية لا يخطر للمسلمين ببال، فسار في خمس مئة فارس وألفي راجل طول الليل، وكَمَنَ في النَّهار، ثم [صبَّحهم] (٣) في اليوم الثاني، فركب البُرْسُقي والعسكر، وقاتلوا ساعةً، ثُمَّ اندفعوا على حَمِيَّةٍ، فوقعتِ الفرنجُ في السُّوقة، ومَنْ تَخَلَّف من العسكر، فقتلوا ثلاثة آلاف، وقالوا: هؤلاء عِوَض مَن قُتِلَ بكفر طاب. ونهبوا أموال التُّجَّار وسَبَوْا الحريم، وكان أياز بن إيل غازي، قد وَكَلَ به البُرْسُقي، فقتلَه الموكل به وهرب.

وأضْرَمَ الفرنج في الصَّناديق والخيام النَّار، وأحرقوا (٤) ثلاثة آلاف أسير ما بين شاب، وشيخ وامرأة، وبعثوا بالأسارى إلى دمشق [وماردين وحلب.

وبلغ أتابك بدمشق، فعزَّ عليه ما جرى] (٢)، وسار إلى رَفَنِيَّة بغتةً وهي للفرنج، فقتل أهلَها، وغَنِمَ أموالها، وأَسَرَ، وعاد إلى دمشق، فبعث برؤوسهم وخَيلهم وأسلحتهم، وهدايا وألطافًا إلى الخليفة والسُّلْطان، واعتذر، فلم يُقبل عُذره، وكان بباب السُّلْطان من يَحْسُدُه، فكثَّروا عليه، فرأى أن يمضي بنفسه إلى بغداد، فسار، فأمر الخليفة


(١) ما بين حاصرتين ليس في (ع) و (ب)، والسياق يقتضيه.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب).
(٣) في (ع) أصبح، والمثبت ما بين حاصرتين من (ب).
(٤) في (ع): وأحرقوا ثلاثة آلاف، وقال: هؤلاء عوض من قتل بكفر طاب، وقتلوا ثلاثة آلاف أسير. قلت: وفي العبارة تكرار، والمثبت من (ب).