للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضيفٌ، ولا يمكن إكراهُه على الخروج. فدخل النَّقيبُ على أبي الحسن، وأدَّى رسالة الخليفة ومعها خَطُّ الخليفة بالأيمان على ما يجب وخاتمه ليعود، فلم يُجِبْ، فرَجَعَ.

وفيها استوزَرَ الخليفةُ أبا شجاع محمد بن أبي منصور بن أبي شجاع، وكان عمره عشرين سنة، وإنما فَعَلَ ذلك لأجل أبيه وزيرِ السُّلْطان محمود، واسْتُنيب له عليُّ بن طِرَاد، فكَتَبَ الحريريُّ صاحبُ المقامات إليه: [من المتقارب]

هنيئًا لك الفَخرُ فافْخَرْ هنيَّا … كما قد رُزِقْتَ مكانًا عليَّا

خُلِقْتَ كآبائك الأكرمينَ … لدَسْتِ الوِزَارة كُفْوًا رَضِيَّا

فَقُلِّدْتَ أعباءَها يافعًا … كما أُوتيَ الحُكمُ يحيى صبيَّا

وكتب جماعةٌ إلى أبي الحسن إلى الحِلَّة بأنْ لا يُطيع، منهم صاحبُ المَخْزَن ابن الخَرَزي (١)، والقاضي ابن غَيلان (٢) وابن كَمُونة (٣)، فاستأصلهم الخليفة، وقيل: إنَّ ابن الخَرزي كان يُهين المسترشد في أيام أبيه، ولا يلتفتُ عليه، فأخذ من داره أربع مئة ألف دينار، ثم أمر الخليفةُ بقتله، فَقُتِلَ.

وفيها أخذ المسترشد دارَ دُبَيْس، وأضافها إلى جامع القَصر، فكتَبَ دُبيس فتوى: ما تقول السَّادة الفُقهاء في رجلٍ اشترى دارًا، فَغَصَبها منه رجلٌ وجعلَها مسجدًا، فهل يجوز ذلك؟ وهل يلزمُ الغاصب إعادتُها إلى صاحبِها؟ فكتبَ قاضي القضاة والفقهاء: لا يجوز ذلك، ويجب رَدُّها، ولا يصح وقفُها. وبعث الفتوى، وكُتُبَ الدَّار إلى الخليفة، وأَنَّ أباه صدقة اشتراها من وكيلِ المستظهر بخمسة عشر ألف دينار، وأنْفَقَ عليها عشرة آلاف دينار، فلم يَرُدَّها عليه المسترشد.

وفي رجب بَعَثَ الخليفة إلى دُبَيْس جُبَّة وفَرَجية وعِمامة وطوقًا وفرسًا بمركب ذهب، وسَيْفًا، ومنطقة، ولواء مع نقيب النُّقباء وابن السِّيْبي ونجاح.

وفي ذي القعدة خَلَعَ المسترشِدُ على نَظَر (٤)، ولقَّبه أَمير الجيوش والحَرَمين، وأُعطي الأعلام والكوسات، وسار إلى الحج.


(١) هو أبو طاهر يوسف بن أحمد الخرزي، له ترجمة في "المنتظم": ٩/ ٢٠٣.
(٢) لم أهتد إلى ترجمته.
(٣) ابن كمونة لم أقف على اسمه، وقد كان في فقهاء بغداد من يسمى هذا الاسم، ولكن لا يستفاد من ترجمته أنه هو، انظر "الأنساب": ١٠/ ٤٧١، و"توضيح المشتبه": ٧/ ٣٣٩.
(٤) ضبطه من "توضيح المشتبه": ٩/ ٩٨.