للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان يوم القيامة جيء بديوانٍ ديوان، فتُسْأل عنه، فإذا جيء بديوان القضاء [لتسأل عنه] (١) فتقول: وَلَّيْته لذاك المُدْبر ابن الدَّامَغَاني - فتَسْلَمُ أنتَ وأقع أنا. فبكى الخليفة، وقال: افعل ما تريد.

وفي روايةٍ: [أنَّ ابن الدَّامَغَاني] (٢) قال للخادم: قُلْ لأَمير المؤمنين، إذا قيل لي غدًا: [لمَ] (٢) قَبِلْتَ قولَ فلان، وقد عَلِمْتَ منه ما لا يجوزُ قَبُولَ قَوْلِهِ معه، أقول: قال لي أَمير المؤمنين. فقال الخليفة: لا لا، وبكى.

وقال ابنُ السَّمْعاني: ودَخَلَ الشَّاشيُّ (٣) عليه زائرًا له، فما قام له، فَرَجَعَ ولم يقعد، وكان ذلك سنة نيف وثمانين، فما اجتمعا إلا بعد سنة خمس مئة في عزاء، فسبق الشَّاشي فجلس، فلما دخل الدَّامَغَاني قام الكُلُّ إلا الشَّاشي فإنَّه ما تزحزح، فكتَبَ إلى المستظهر يشكوه، ويقول: إنه ما احترم نائبَ الشَّرع. فكتب المستظهر: ماذا أقول، الشَّاشي أكبر سِنًّا منك، وأفضل وأورع، ولو قمتَ له قامَ لك. وكَتَبَ الشَّاشي إلى الخليفة يشكو الدَّامَغَاني، ويقول: [من الطويل]

حجاب وإعجابٌ وفَرْطُ تَصَلُّفٍ … ومدُّيَدٍ نحو العُلا بتكلُّفِ

فلو كان هذا مِنْ وراءِ كفايةٍ … لهانَ ولكنْ مِنْ وراء تَكَلُّفِ

فكتب الخليفةُ إلى الشَّاشي: تمشي إلى الدَّامَغَاني، وتعتذر إليه. فقام، ومشى إليه امتثالًا لأمر الخليفة، فقام له الدَّامَغَاني وعانقه، واعتذر إليه وجلسا يتحادثان، فقال القاضي: تكلم والدي في المسألة الفلانية واعترض عليه فلانٌ، وتكلَّم فلان في مسألة كذا، واعترض عليه والدي، وذكر مسائل عدة، فقال له الشَّاشي: ما أحسنَ ما قد حفظت أسماء المسائل (٤).


(١) ما بين حاصرتين من (ب).
(٢) ما بين حاصرتين من (ب) و (م) و (ش).
(٣) هو أبو بكر الشاشي، شيخ الشافعية، توفي بهراة سنة (٤٨٥ هـ)، انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء": ١٨/ ٥٢٥ - ٥٢٦.
(٤) انظر "المنتظم": ٩/ ٢٠٨ - ٢٠٩.