للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها قبضَ الأميرُ صاحبُ مِصر على وزيره المأمون أبي عبد الله، وأحمد (١) المؤتمن ابني البطائحي، واستولى على أموالهما وذخائرهما، وقتلهما، وكانا قد دَبَّرا في القَبْض عليه (٢).

وفيها جَمَعَ بغدوين صاحبُ القُدْس [وحشد] (٣) وقصَدَ حوران [من أعمال دمشق] (٣)، وشرع في الغارات على الأماكن القريبة من دمشق، فجمع طُغْتِكِين التُّرْكمان، وكاتَبَ الأطراف، ووصل إليه من التُّرْكْمان نحو ألفي فارس طالبين الجهاد، وخرج من دمشق في خَلْقٍ كثير، فوصل مرج الصُّفَّر [وذلك] (٣) في السَّابع والعشرين من ذي الحِجَّة، وخرج من دمشق أَحْداثُها ورجالُ الغوطة والمرج وقصر حَجَّاج والعُقَيْبة وغيرها بالسِّلاح التَّام، وقالوا: نلحق المصافّ. ولم يشكَّ أحد أَنَّ النَّصر في ذلك اليوم للمسلمين. وجاء الفرنج إلى مرج الصُّفَّر، والتقت الطَّلائع، فلما شاهد الفرنج ذلك [الجَمْعَ العظيم] (١) علموا أنَّهم لا طاقةَ لهم بهم، فعادوا إلى خيامهم [ومنزلهم] (٣)، فتبعهم طائفةٌ من التركمان والأحداث، وتفرَّق العسكر في نَهْبِ خيم الفرنج، فلما [رأى الفرنج] (٤) ذلك عادوا فحملوا على المسلمين، فكسروهم من أواخر مرج الصُّفَّر، وهزموهم إلى عَقَبة شحورا، فقتلوا جميع الرَّجَّالة والتركمان إلَّا من نجا بفرسه، وانهزم أتابك إلى دمشق، فوصلها آخر النهار، وقد قُتِلَ رجاله، وأُسِرَ أبطاله، وغَنِمَ الفرنُج غنيمةً لم يغنموا مِثْلَها، وباتوا بعقبة شحورا عازمين على مباكرة البلد، واستعد أتابك للحصار، فأصبحوا وقد رَحَلَ الفرنج إلى منزلهم (٥).


(١) كذا في (ع)، وفي "اتعاظ الحنفا": حيدرة.
(٢) انظر "ذيل تاريخ دمشق" لابن القلانسي: ٣٣٨ - ٢٣٩، و"الكامل": ١٠/ ٦٢٩ - ٦٣٠، و"اتعاظ الحنفا": ٣/ ١١٠ - ١١٦.
(٣) ما بين حاصرتين من (م).
(٤) في (ع): فلما رأوا ذلك، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٥) انظر: "ذيل تاريخ دمشق": ٣٣٩ - ٣٤٠.