للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرج يومًا إلى ناعورةٍ، فَسَمِعَها تَئِنُ، فرمى طَيْلَسانه [عليها] (١).

وكانت له نُكَتٌ لطيفة إلا أَنَّ الغالب على كلامه [كثرة] (١) التخليط، ورواية الأحاديث الموضوعة، والحكايات الفارغة، والمعاني الفاسدة. فمن ذلك أَنَّه قال: لما قال موسى أَرِني، وقيل له: لن تراني (٢) قال: هذا شأنُك، تَصطفي آدم، [ثم] (١) تُسَوِّد وجهه، وتُخْرجُه من الجَنَّة، وتدعوني إلى الطُّور، ثم تشمت بي الأعداء، هذا عَمَلُك بالأَحِبَّاء، فكيف تصنع بالأعداء؟

وقال: جاء إسرافيل بمفاتيح الكنوز على محمَّدٍ ، وجبريل جالِسٌ عنده، فاصفَرَّ وَجْه جيريل، فقال رسولُ الله : [يا إسرافيل] (١)، هل نَقَصَ مما عنده شيء؟ قال: لا. قال: ما لا ينقص الواهب ما أُريده.

قال: ودَخَلَ يهوديٌّ إلى الشيخ أبي سعيد، فقال: أُريد أنْ أُسْلِم. فقال: لا تُرِدْ. فقال النَّاس: يا شيخ، تمنعه من الإسلام! فقال له: تريد بلا بُدّ؟ قال: نَعَمْ. قال: بَرِئْتَ مِنْ نَفْسك ومالك؟ قال: نَعَمْ. قال: هذا هو الإسلام عندي، احملوه الآن إلى الشيخ أبي حامد حتى يعلِّمَه لا. لا المنافقين. يعني لا إله إلا الله.

وقال أحمد المذكور: الذي يقول لا إله إلا الله غير مقبول، ظَنُّوا أنَّه منشور ولايته، [لا] (٣) ذاك منشور عَزْله.

[قال: وحكى القاضي أبو يعلى عنه أنه] (١) صَعِدَ المنبر، فقال: معاشرَ المسلمين، كنتُ إنما أدعوكم إلى الله، وأنا اليوم أُحَذِّرُكم منه، والله ما شُدَّت الزَّنانير إلا من حُبِّه (٤)، ولا أُدِّيت الجِزْية إلا في عِشْقه.


(١) ما بين حاصرتين من (م) (ش).
(٢) إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [سورة الأعراف: الآية: ١٤٣].
(٣) ما بين حاصرتين من (م).
(٤) كان أهل الذمة في بعض الأوقات يلزمون بشدِّ الزنار أو نحوه، تمييزًا لهم عن المسلمين، ويسمونه الغيار، انظر "شفاء الغليل" للخفاجي: ١٩٦.