للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للسُّلْطان، فأجابهم إلى ذلك، وبعث مع زنكي ابني السُّلْطان ألب رسلان والخفاجي، وجعله أتابكهما، فدخل المَوْصِل في هذه السنة. وقيل: في سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة.

وفيها وردتِ الأخبارُ أَنَّ السُّلْطان محمودًا لما وصل هَمَذَان قَبَضَ على العزيز وصادره واعتقله، وعلى وزيره أَيضًا، وسببه أَنَّ الوزير تكلَّم في العزيز، ويرنقش الزَّكوي تكلَّم في الوزير، وقال للسُّلْطان: هذا أَخَذَ الأموال من الخليفة، واتفق مع وزيره ابن صَدَقَة على أن يُرَحِّلاك من بغداد، ولا تبلغ غرضًا، فكلُّ ما جرى عليك منه.

[قلت: وهذا العزيز هو عم العماد الكاتب الأصفهاني، وسنذكره في سنة ست وعشرين وخمس مئة] (١).

وفيها بَعَثَ السُّلْطان إلى أنوشروان وهو مقيمٌ بالحريم الطَّاهري ببغداد ليستوزره، فلم يكن عنده شيء، فجهَّزه الوزير ابن صَدَقة والخليفة بالخِيَم والدَّوابّ وغيرها، وسار إلى هَمَذَان، فأقام وزيرًا عشرة أشهر، ثم استعفى، وعاد إلى بغداد.

وفيها ثارتِ الفِتَنُ ببغداد، وسببه أبو الفتوح (٢) الإسْفَراييني، فإنَّه كان يعظ ويَذْكُرُ مذهبَ الأَشْعري، ويورد أحاديثَ وأشياءَ على مذهب القُصَّاص.

جلس يومًا بالنِّظامية وقال: قيل لرسولِ الله : كيف أصبحتَ؟ فقال: أعمى بين عُمْيان، ضالًّا بين ضُلَّال (٣). فأحضره الوزير ابنُ صَدَقة، وأحضر الفقهاء، فأفتوا بقَتْلِهِ، فاستقرَّ أن يُجدِّدَ إسلامه ويشدَّ الزِّنَّار (٤) ويتوب، ومُنِعَ من الجلوس، وعاد فجلس، فَرُجِمَ.

وكان يركبُ وعليه السِّلاح، ويُسْقِطُ حُرْمةَ المُصحف عند العوام، فاجتاز يومًا بسوق الثّلاثاء، فَرُجِمَ، ورموا عليه الميتات.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش)، وانظر ص ٢٤٢ - ٢٤٤ من هذا الجزء.
(٢) في (ع) و (خ): أبو الفرج، وهو تحريف، والمثبت من"المنتظم": ١٠/ ٦، وستأتي ترجمته في وفيات سنة (٥٣٨ هـ).
(٣) لم أقف عليه في كتب الموضوعات على نكارةِ متنه.
(٤) انظر حاشيتنا رقم ٤ ص ١٩٦ من هذا الجزء.