للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المَوْصِل لينضمَّ إلى مسعود، [فلما بلغ تكريت خلَّف قراجا سلجوق شاه في عَدَدٍ يسير، وأمرهم بمدافعة مسعود] (٢) إلى أن يعود، وأَسْرى في يومٍ وليلةٍ إلى تكريت، فواقع زنكي فهزمه، وأَسَرَ جماعةً من أصحابه، وعاد بهم، ثم دخل السُّفراء بينهم، وحَصَلَ الاتِّفاقُ بين مسعود وقراجا وسَلْجوق، واستحلفهم الخليفة واجتمعوا، وقويت الأراجيف بمجيء سنجر إلى بغداد، فَعُمِل السُّور وجُبي العراق، وخرجوا بأجمعهم متوجِّهين لقتال سنجر، وألزمَ قراجا الخليفةَ بالخروج، فكرهه، فتوعَّده قراجا، وقال: إنَّ الذي تخافه من سنجر في آجل الأمر إنْ لم تخرج نحن نُعَجِّلُه لك الآن. وبعث سنجر يقول للخليفة: أنا العبد، مهما أُرِيدَ مني فَعَلْتُ. فلم يقبل منه. وسارَ الجماعة، وخَرَجَ الخليفةُ بعدهم بأيامٍ من باب النَّصر في أُبَّهة الخلافة على عادته في سادس عشرة جُمادى الآخرة، وضَجَّ النَّاس له بالدُّعاء، وباتوا يَخْتِمون الختمات، ثم رحل في ثاني رجب، وقُطِعَتْ خُطْبة سنجر، وأقام الخليفة بخانِقِين (١).

وورد سنجر هَمَذَان في مئة وستين ألفًا، وكان مع مسعود وقراجا ثلاثون ألفًا، وكانت الوقعة قريبًا من الدِّينور، وكان يومًا لم يكن في الإسلام مثله، أُحصي القَتْلى فكانوا أربعين ألفًا، وقُتِلَ قراجا، وانهزم مسعود، وأَجْلَسَ سنجر طُغْرل على تخت المُلْك بهَمَذَان، وعاد سنجر إلى خُراسان، وكَتَبَ إلى زَنْكي ودُبَيس [بقَصدِ بغداد، وبلغ الخليفة، فعاد من خانِقِين، وجاء زنكي ودُبَيس] (٢) في سبعة آلاف، وعَبَرَ الخليفة إلى الجانب الغربي في ألفي فارس، والتقوا، فانكسرت ميمنةُ الخليفة، فرمى الطَّيلَسان من على رأسه، وجذب السَّيف وعليه البُرْدة، وحَمَلَ العسكر معه، فانهزما، وقُتِلَ من القَوْم مقتلةٌ عظيمة، وهرب زنكي إلى تكريت ودُبَيس إلى الفرات.

وفيها بعث الخليفة إلى أنوشروان بن خالد صاحبَ المخزن ابنَ طلحة يأمره أن يجلس في الديوان ليخلع عليه خِلَع الوزارة، فامتنع وقال: إني لما استوزرني السُّلْطان طلبت الإقالة، وقد قَنِعْتُ من الدُّنيا بمكاني هذا. فلم يَعْفِه، فأجابَ، فعُرِضَ عليه دارُ


(١) خانقين: بلدة من نواحي السواد في طريق همذان من بغداد، انظر "معجم البلدان": ٢/ ٣٤٠.
(٢) ما بين حاصرتين من (ح).