للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابنِ صَدَقَة، فامتنع، وقال: كان له عليَّ حَقٌّ -وكان ابنُ صَدَقَة يَصِلُه كلَّ سنةٍ بمالٍ كثير- فَعُرِضَ عليه دارٌ أُخرى.

وفيها عاد دُبَيس إلى بلاده، وجَمَعَ الجموع، وكان الخليفة قد ولَّى بالحِلَّة إقبال المُسْتَرشِدي، وأَمَدَّه بعسكرٍ، فَهَزَمَ دُبَيسًا، فهرب إلى أَجَمَةٍ فيها ماء فأقام ثلاثة أيام لا يأكل طعامًا، حتى أخرجه جماسٌ (١) على ظهره، وخلَّصه.

وفيها وصل داود بن محمود والأحمديلي إلى بغداد.

وفي شعبان قَبَضَ الخليفةُ على وزيره أبي القاسم شَرَفِ الدِّين (٢)، وأَخَذَ من داره أموالًا عظيمة، منها البَدَنة اللؤلؤ التي أخذها دُبَيس من الأمير أبي الحسن بن المُسْتظهر لمَّا أسره، ومعضدةً قيمتُها مئة ألف دينار، ومن أواني الذَّهب والفِضَّة ومراكب الذهب والثِّياب والأثاث ما أقاموا ثلاثة أيام في نَقْله وما فرغ، وخمس مئة رأس من الخيل والبِغال والجِمَال، وأُخذ خَطُّ الوزير بعدها بثلاثين ألف دينار.

وفيها (٣) ما أَحَسَّ النَّاسُ إلا بابنِ دُبَيس وقد قَدِمَ بغداد في خمسين فارسًا، ولم يعلم به أحد حتى نَزَلَ وقَبَّل عتبة باب النّوبي، وتمرَّغ على الصخرة، وقال: قد جِئْتُ إلى هذه العتبة، فإما أَنْ يعفوَ عني أمير المؤمنين أو يقتلَني. فعفا الخليفةُ عنه، وأنزله دارًا، وأعطاه دنانير.

وفيها تُكُلِّم في خاتون المستظهرية بسبب شابٍّ يقال له ابن المهر (٤)، فَحَلَّ الخليفةُ إقطاعها، وقَتَل ابن المهر، وأَظْهَرَ أَنَّه قد هَرَبَ، وطرَدَ الخليفةُ خُدَّامَها، وأخذ خَيلَها، وأقام معها في دارها من يَحْفَظُها، واشْتُهِرَ أَمْرُها، فَكَتَبَتْ إلى سنجر، فيقال: إنَّه كَتَبَ إليها أَنَّه يريد الفَتْك بالخليفة. فَوَقَعَ كتابُهُ في يد الخليفة، فهيَّجه ذلك على الخروج لقتاله.


(١) وهي كذلك في "المنتظم": ١٠/ ٢٧، ولم أهتد إلى معناها المراد في ذلك العصر.
(٢) يعني علي بن طراد الزيني، وقد أعيد إلى الوزارة سنة (٥٢٨ هـ)، وستأتي ترجمته في وفيات سنة (٥٣٨ هـ).
(٣) في (م) و (ش): في شعبان.
(٤) في (م) و (ش): ابن المهتر، وفي مطبوع "المنتظم": ١٠/ ٢٧: ابن المهير.