وعُزِلَ أنوشروان من غير أن يُؤْذى، بل نزل في الليل [بنفسه](١) في سفينةٍ إلى داره بالحريم الطَّاهري، وأُعيد أبو القاسم بن طِرَاد إلى الوزارة، وخُلِعَ عليه، وزِيدَ في فُرُشه الطَّوق، وأُعطي الكوسات والأعلام.
وفيها قَدِمَ رسولٌ من سنجر يَطْلُبُ الخِلَع، فبعث له الخليفة خِلَعًا بمئةِ ألفٍ وعشرين ألف دينار مع ابن الأنباري.
وبَعَثَ الخليفةُ إلى تَكْريت، فَحَصَرها وفيها بِهرْوز، فصانَعَ بمالٍ، فَقُبِلَ منه.
وفيها قدم البقش السِّلاحي؛ من كبار أُمراء الأتراك إلى بغداد، وعَرَضَ الخليفةُ العساكر يوم عيد الفطر، وركب الوزير شرف الدِّين وقاضي القُضَاة، والنَّقيبان وأربابُ الدَّولة، فكانوا خمسة عشرة ألف فارس، ولم يُرَ عيدٌ اجتمع فيه أربابُ الدولة إلا هذا.
وفيها عاد طُغْريل إلى هَمَذَان، ومالتِ العساكر إليه، وانحلَّ أمرُ أخيه مسعود، وبَعَثَ الخليفة إلى مسعود يطلبه ليرفع منه، فَدَخَلَ بغداد متخفيًا في ثلاثين فارسًا، فبعث إليه الخليفة بمالٍ وتُحَف، ووَقَعَ الخليفةُ بُملَطِّفات من بعض الأُمراء إلى طُغْريل فطلبهم، فهربوا إلى مسعود، واستجاروا له، فأرسل الخليفةُ يطلبهم منه، فامتنع، وقال: قد استجاروا بي. فقال الخليفة: إنما أفعل هذا لأجلك، وأُنَصِّبُكَ مرَّة بعد أخرى وأنت تفعل هذا؟! ووقع الاختلاف، واختلط العسكر، ومدُّوا أيديهم إلى المال والحريم. فأرسل الخليفة إلى مسعود يقول: انصرف إلى بعض الجهات بالعسكر الذين صاروا إليك. فنزل بدار الغَرَبة رابع عشرين ذي الحِجَّة، وتواترت الأخبار بمجيء طُغْريل إلى بغداد، فلمَّا كان يوم السبت سَلْخ ذي الحجة بعث الخليفة بالخِلَع، والتَّاج والطَّوق، وتخوت الثِّياب، وثلاثين ألف دينار إلى مسعود، فأخذ الجميعَ، ولم يرحل.
وفيها حاصر شمسُ الملوك صاحبُ دمشق شقيف تيرون المطلّ على بيروت وصَيدا، وكان فيه الضَّحَّاك بن جَنْدل، فانتزعه منه، وعَوَّضه ضياعًا.
وفيها خَرَجَ شمسُ الملوك يتصيَّدُ، فانفردَ عن أصحابه، فَوَثَبَ عليه أحدُ مماليك جَدِّه طُغْتِكِين، ويعرف بإيلبا، فضربه بالسَّيف ضربةً هائلة، أراد، قطع رأسه، فانقلبَ